
أهالي الرديف يعتصمون, أما آن لمدينة العز والكفاح أن تهنأ وترتاح
ما فتئت الرأسمالية تظهر لنا عوارها وفشلها في رعاية شؤون الناس, وما الوضعية الحرجة التي وصلت إليها الإنسانية من بوادر انحدار قد يوصل إلى الانهيار التام إلا أكبر دليل على إفلاس منظومة الرأسمالية, ففي كل حل لمسألة بوادر مشكل جديد, ويظهر ذلك جليا فيما وقع مؤخرا في مدينة الرديف من إعتصامات لأهاليها بعدة مرافق على اثر إعلان نتائج مناظرة لتشغيل 291 فرد من العاطلين عن العمل, وأمام استمرار تلك الإعتصامات وتعددها توجهت جريدة التحرير إلى عين المكان وكانت لها الملامسة التالية مع بعض نقاط الإعتصامات لمحاولة فهم الأسباب والمسببات ونقل واقع ما يجري هناك إلى الرأي العام, وكان لنا لقاء مع احد ممثلات المعتصمين والمعتصمات ببلدية الرديف وهي صاحبة شهادة جامعية عانت البطالة والعوز لسنوات, وكان معها الحوار التالي:
التحرير: لو تعرفينا بشخصك وبالمعتصمين معك؟

رابعة ماجدي احدى المتحدثات باسم المعتصمين
أنا رابعة ماجدي صاحبة شهادة عليا في الإعلامية وإحدى ممثلات اعتصام بلدية الرديف, وهؤلاء المعتصمون والذين هم يمثلون عدالة الدولة في توزيع الشقاء بمدينة الرديف فمنهم :
ــ حاملوا شهادات عليا
ــ ذووا احتياجات خاصة
ــ معدموا الدخل
وهم في مجموعهم يمثلون ثلة من أهالي الرديف المعهود عنهم الإباء والعطاء, تلامس أعمارهم مختلف الأجيال من سن الثامنة عشرة إلى سن الثالثة والخمسين, نساء ورجالا.
التحرير: ما هي الأسباب التي دفعت بكم إلى الاعتصام ؟
الأسباب متعددة ولا حصر لها ولكن أكثرها قهرا ودفعا ” الحقرة ” والتهميش وانسداد الآفاق والبطالة, وانعدام الشفافية والمحسوبية.. والسبب الواحد منها يوجب على الحُر أن ينتصب شامخا مدافعا عن كرامته وحقه في العيش الكريم, فما بالك إن اجتمعت جميعها لترسم صورة العيش بمدينة الرديف المنسية.
التحرير : عفوا لم أقصد من السؤال الأسباب العامة التي تكاد تكون القاسم المشترك الذي تعيشه مختلفة مناطق البلاد بل سؤالي عن السبب المباشر الذي أخرجكم من دياركم ودفعكم إلى المرابطة على عتبات البلدية؟
الشرارة التي قدحت فينا روح الاحتجاج والإعتصام كانت إثر التصريح عن نتائج الانتدابات وفق اتفاق مسبق ضمنه النائب عدنان الحاجي والذي بمقتضاه يقع انتداب 300 شخص ولم يعلن إلا على انتداب نصف العدد هذا من جهة, ومن جهة أخرى ما لاحظناه من حيف وظلم ولا معقولية في خصوص نتائج مناظرة بالملفات بشركة ” البيئة والغراسة ” التي أعلن عنها منذ سنة 2016 من أجل انتداب 141 فرد وفق المقاييس التالية.
ــ سن المترشح
ــ المستوى التعليمي ( سنة التخرج)
ــ حالة الإعاقة
ــ عدد أفراد العائلة بصدد مزاولة الدراسة أو التكوين
ــ الحالة المدنية للمترشح
ــ عدد أفراد العائلة العاطلين عن العمل
إنه وبجرد الإعلان عن النتائج لاحظ الجميع المخالفات الواضحة في تطبيق المقاييس على المترشحين إذ نجد على سبيل المثال من تحصل على مجموع 19,5 ويقبل بهذا المجموع ويرفض من له مجموع 53,5 وما فوق, أما في خصوص الانتدابات بالاتفاق المسبق فإننا لا نعلم مقاييس التي اعتمدت في هذه الانتدابات وأمام هذه الضبابية وعدم الشفافية والشعور بالظلم والحيف خرجنا واعتصمنا في مناطق عديدة من المدينة.
ــ مقر بلدية الرديف
ــ مقر معتمدية الرديف
ــ “الوزانة” المعروفة بالبسكولة لوزن الفسفاط
ــ المغسلة لغسل الفسفاط
ــ طريق الشاحنات بحي العمايدة
ــ مكتب زمرة المعروف ببيرو زمرة
ــ مقر البيئة والغراسة
وليكن في علم الجميع أن اعتصاماتنا كلها سلمية ومؤطرة, فنحن أهالي الرديف من يتكفل بحماية المدينة رغم غياب الأمن لسنوات, وإن غايتنا من الاعتصام هي لفت أنظار المسئولين من أجل تحقيق الأهداف التالية:
1 ــ إيجاد آفاق وحلول أخرى غير شركتي البيئة والغراسة وفسفاط قفصة من أجل التشغيل والتنمية بمدينة الرديف.
2 ــ الشفافية الكاملة فيما يخص نتائج الانتدابات المعلنة بنشر قوائم المقبولين ومقاييس قبولهم, وهو مطلب يضمنه لنا القانون بموجب قانون حق النفاذ إلى المعلومة.
3 ــ انتداب فرد من كل عائلة فاقدة للدخل وما يجعل هذا المطلب معقولا هو أننا لو أحصينا العائلات فاقدة الدخل في المدينة لن يتجاوز العدد 80 أو 90 عائلة, وهو عدد لا يعجز دولة إن هي أرادت حفظ كرامة مواطنيها.
التحرير: كيف تعاطت الجهات المسئولة معكم ومع مطالبكم ؟
لقد كان التجاهل واللامبالات السمة الطاغية في تعاطي مسئولي هذه البلاد مطالبنا وهو ما يظهر أنهم لا يلتفتون إلى من يبيت ليله والصقيع ينخر عظامه إذا كانت مدافؤهم موقدة. رغم أننا أعلمناهم رسميا وكتابيا.
ــ رئاسة الحكومة ووزارة الصناعة ووزارة التشغيل ووزارة الداخلية ومنطقة الحرس الوطني بقفصة ووالي قفصة والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والإتحاد التونسي للشغل ولم نلمس أي تجاوب إلا من فرع الاتحاد الجهوي للشغل بالرديف, ومكالمة من الرابطة التونسية لحقوق الإنسان فرع قفصة وبيان مساندة كتابي من أعضاء المجلس البلدي بالرديف, وإن كنا لم نفهم تناقض رئيس البلدية إذ نجد إمضاءه في المساندة من جهة ونعلم أنه في الوقت ذاته صاحب الشكاية التي وجهت بموجبها السلطات الأمنية بالمتلوي استدعاءات لخمسة من المعتصمين أمام البلدية.
التحرير: كيف ترون مستقبل حراككم أمام هذا الجمود وانسداد الآفاق في الخروج من هذه الوضعية ؟
نحن ماضون في اعتصامنا السلمي إلى أن نجد تجاوبا من طرف المسئولين, فمطالبنا ليست تعجيزية, وهي حق في منظار كل عاقل ومنصف.
إضراب جوع داخل اعتصام بلدية الرديف
قُبيل انتهاء اللقاء مع ممثلة معتصمي بلدية الرديف أعلمتنا أن هناك واحدة من بين المعتصمات تنفذ إضراب جوع, فاتصلنا بها فإذا بها امرأة ثلاثينية مطلقة وأم لأربعة أبناء 10 سنوات و 8 سنوات و 6 سنوات و4 سنوات, اثنان في المدرسة وواحد في مستوى تحضيري والرابع في روضة أطفال, ولا عائل لها, فطليقها دخل السجن وطرد من عمله وانضم لصفوف العاطلين, وهي من ضمن الأسماء التي وقع استدعاؤها للبحث بفرقة العدلية بالمتلوي على خلفية الاعتصام وقد دخلت في إضراب جوع منذ يوم 24 نوفمبر ومطالبها بسيطة, فهي تطلب موردا تسد به حاجات أبنائها. إما تمكينها من شغل تسد به حاجاتها وحاجة ابنائها للعيش الكريم أو تمكين طليقها من شغل ليتمكن من الإنفاق على أبنائه لأنه بهته الوضعية لا تستطيع أن تلزمه بالنفقة لان مصيره سيكون السجن وسيخسر الجميع.

امال المسغوني, المضربة عن الطعام

شهادة طبية من المستشفى المحلي بالرديف