ارتفاع الأسعار وقانون الميزانية

ارتفاع الأسعار وقانون الميزانية

تعيش تونس جدلا جديدا متجددا حول ارتفاع الأسعار المنتظر خلال السنة الجديدة 2018. وكانت التصريحات والتحاليل حول الموضوع نارية تارة ومؤيدة للحكومة تارة أخرى كأنها القضاء والقدر لا مفر منها. علما أن إجراءات الميزانية تمثل جزءا ضئيل من شروط صندوق النقد الدولي.

إن الوضع المعيشي للناس قبل الميزانية الجديدة لا يحتمل, حيث بلغت نسبة ارتفاع الأسعار في موفى سنة 2017 نسبة عالية ب6.4% وبالتدقيق في نسبة التضخم في المواد الغذائية والفلاحية نجدها فاقت الـ15%. ورغم تأكيد وزير التجارة في حكومة الشاهد أنه لا يوجد ترفيع في أسعار المواد الأساسية المؤطرة ولكنها لا تمثل نسبة عالية في التضخم فسيكون لمخرجات الميزانية تداعيات أكثر وطأ على مستوى الأسعار.

وأعلنت حكومة الشاهد أن كل إجراءات قانون الميزانية يرمي إلى تحقيق الموازنات المالية للدولة والى حصر نسبة العجز في حدود 5% مقابل عجز يفوق 6% حاليا كما تعمل على رفع نسبة النمو إلى 2.5% مقابل توقعات لا تتجاوز 2% حسب صندوق النقد الدولي, والنزول بنسبة الدين العام إلى 70% من الناتج الإجمالي في غضون 2020 امتثالا لشروط صندوق النقد الدولي. فقامت برفع نسب الأداء على القيمة المضافة والأداء على الاستهلاك على المنتجات المحلية  والرفع في نسب الأداءات الديوانية التي ترفع من كلفة المواد المستوردة عند الاستهلاك. وبذلك ترفع الحكومة نسبة الضغط الضريبي العام الذي يشمل أغلب المواد الاستهلاكية إن لم يكن كلها.

وكانت الحكومة قررت بداية رفع الدعم عن المحروقات وزيادة 2.85% من سعر البنزين عند ولادة السنة الجديدة وبررت هذا بارتفاع الأسعار العالمية للنفط إذ من المتوقع أن يصل سعر البرميل إلى 70 دولار, الأمر الذي يزيد من العجز التجاري للاقتصاد التونسي.

وأمام هذا التطور للأسعار خلال الفترة القادمة يرجح البنك المركزي التونسي الزيادة في سعر الحد الأدنى لفائدة الادخار ليصل إلى 5%. كما لا يخفى أن من شروط صندوق النقد الدولي التخفيض المستمر في سعر الدينار ما سيؤدي إلى المزيد من ارتفاع الأسعار وتفاقم الأزمات المعيشية للمواطنين في تونس.

أما الأطراف المتضررة فكل أطراف المجتمع بدون استثناء, الشئ الذي دفع بمنظمة الأعراف برفض هذه الميزانية. ولكن الأكثر ضررا فهي بلا شك الطبقة الضعيفة من أصحاب الأجور الثابتة في القطاع الخاص والعام والمتقاعدين فلا يملكون أي أداة للتصدي لغلاء المعيشة سوى الصبر على الاستهلاك.

وبذلك يتبين أن الميزانية الجديدة ستكون من أصعب الموازنات على أهل تونس حيث تتأهب الحكومة رغم كل الانتقادات الشعبية ومنظمة الأعراف, للتخفيف من أزمتها المالية خدمة للدين الخارجي والحد من العجز عبر إجراءات تقشفية ومزيد من الضرائب و الرسوم الجمركية. لقد صدق من قال “الرأسمالية تعدكم الفقر” ولن يفلح من ارتهن الى الغرب الكافر المستعمر ولنا في اليونان خير مثال انقاد لشروط المؤسسات المالية الدولية فأفلس وباع البلاد والعباد ولا يزال يعاني ويلات التمويل بالعجز للميزانية والمديونية الدولية. فاليونان معذور فهو لا يملك بديلا عن الرأسمالية بعد انهيار الاشتراكية, أما المسلمين فلا عذر لهم إذ جعلوا المضبوعين بالغرب وحضارته قادة وحكام يحكموننا بغير حكم الإسلام بل أبعدوه عن جميع مجالات الحياة كلما أمروهم أسيادهم بذلك. فجعلوا شعوبهم بين فقير وأشد فقرا رغم وفرة الخيرات و الثروات الكامنة في البلاد الإسلامية وبين جاهل وأشد جهلا مذبذب لا من الرأسماليين ولا من المؤمنين. ألا يكفينا أجدادنا مثالا اعتنقوا الإسلام كاملا غير منقوص فأعزهم الله وبسط لهم الرزق من كل الدنيا ورضي عنهم وأرضاهم.

أحمد طاطار – عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية تونس

CATEGORIES
TAGS
Share This