التوافق الدولي لتدمير السّاجد والمسَاجد

التوافق الدولي لتدمير السّاجد والمسَاجد

يعمل المخطط الدولي من أجل تحقيق أهدافه التدميرية الخبيثة في الأمة على مستوىين اثنين أما الأول فانه يقوم على تسديد ضربات موجعة لىبنية المفاهيم والأفكار تشويها وتحريفا، والمستوى الثاني يعمل فيه على تسديد ضربات موجعة للمساجد في عمارتها وبنائها، مما يعكس الحقد التاريخي المتأصل لدى الساسة الغربيين ضدَّ المسلمين شعارهم في ذلك “دَمّروا الإسلام أبيدوا أهله”.

المستوى الأول ضربات موجعة لأسوار العقول

تتمثل هذه الضربات في كومة من “الخردة الفكرية” يُعَاد تدويرها ورسكلتها بما يتوافق والمخططات السياسية “الأورو-أمريكية” في المنطقة الإسلامية، وتؤسلم هذه الأفكار قهرا وظلما، من ثم توضع على طاولة الإملاءات، للتسويق العاجل، مع الإشارة الى أن كل تباطؤ في تنفيذ الأوامر الغربية منقبل “بائعي الذمة” يعرض صاحبه للحرمان من بقشيش السمسرة.

من هنا تبدأ شرارة “الحملة الفيروسية” لاختراق “العقول الآمنة” من طرف الأدوات المحليّة (العميل، المدرب والمختص، المشرع وغيرهم من القائمين على تسويق المفاهيم الجماهيرية) بالتواطؤ مع الأطراف الغربية، وعادة ما يكون التواطؤ مما يسيل له اللعاب، كل هذا من أجل ادخال “مفاهيم نجسة” الى ساحات المساجد الطاهرة والاعتداء على المدونة الإسلامية، فتصبح الديمقراطية من الإسلام، والاشتراكية من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، والليبرالية من أعمال الخير، وصندوق النقد الدولي من الضرورة البديهية في التعاون على البر والتقوى، وإقامة الخلافة ليست فرضا, والمثلية الجنسية من حق الاختيار لدى الانسان.

ومن جهة أخرى ولشدة مكر “الثعالب الغربية” يُبَدّلُ تكتيك القتال ويُعمَد إلى أسلوب التضليل, ومن ذلك تقدم بعض الأفكار الإسلامية التي تتعلق بالفرد كالصلاة والأخلاق على أساس أنها الإسلام كله, وتُغَيَّبُ بقية الأفكار التي تتعلق بال”طريقةالعملية” لايجاد الإسلام حيا في الوقائعا ليومية عَمدا: من مثل أحكام الجهاد, وأحكام تنصيب الرئيس, وأحكام التعامل مع الاضطرابات الداخلية والخارجية, وكيفية القضاء على الفقر, كل ذلك يغيب فلا يبقى في “الدليل التوجيهي” لتشغيل “الأبواق الخطابية” إلا ضغطة زر لينطلق بذلك “المهرجان التضليلي” للناس الذي قد يؤتي أكله فيبعض الأحيان.

نعم، إنها المأساة لفظا ومعنى، تدُكُّ أسوار المساجد، وتهدد حصوننا من داخلها، من أجل أن تبدل القبلة الى أفكار الغرب، وأن يركع الساجد على أعتاب الحضارة الغربية، يستجدي نظرتها للحياة، ويلتمس حلولها للخروج من عنق الزجاجة. وبدل أن يتبع الساجدون الامام الراشد، الإمام الذي يقاتل من ورائه ويتقى به، يراد لهم في المقابل ان يتبعوا عجلة الارتهان للأجنبي في الصناعة والتجارة والغذاء، وكلذلك يخرج من مشكاة واحدة تبعية القرار السياسي أسّ الداء وسبب البلاء.

المستوى الثاني ضربات موجعة لأسوار العمارة

لعل الضربات الفتاكة التي يوجّهها الكيان الصهيوني للمسجد الأقصى تكشف بالفعل حقيقة الوضع الدولي الذي يتآمر على المؤسسة الأولى لصناعة الأمة في الإسلام ولا يكتفي نَبتُ “بلفور البريطاني” الهجين بالمسجد الأقصى فقط فان الإحصائيات تدلل على أن “غزة الأبية” دفعت ثمن صمودها وحدها ثلث مساجدها طبقاً لتقديرات اللجنة المكونة من مهندسين بالمجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار فرع غزة، حيث دمر كيان يهود “73 مسجدا بشكل كلي و205 تم تدميرهم جزئيا” خلال العدوان على قطاع غزة والذي استمر 51 يوماً.

ونظرة الى سوريا الشام تؤكد ان الآلة العسكرية لبشار” طبيب العيون” الذي اقتلع عيون أطفال سوريا، دمرت أكثر من 1600 مسجد في سوريا حتى منتصف العام 2014 حيث احتلت المساجد الترتيب الأول من بين البنى التحتية التي يقصفها النظام، ونأخذف يالاعتبار أن هذا العدد يزيد بحسب المصادر الإعلامية الميدانية، وليس ذلك غريبا على بشار فمن شابه أباه القاتل فما ظلم، كل ذلك يتم تحت الوصاية الدولية وعلى مرأى من “النظام الديمقراطي الدولي”. كما لا ننسى العراق ومساجدها التي تئن تحت ضربات “الصقور الأمريكية”.

والملاحظة الهامة هنا, أن “النظام السوري الديمقراطي” يستهدف مساجد ذات ثقل مركزي في تاريخ الأمة الإسلامية وذات رمزية تاريخية (المسجد الأموي الأثري في حلب، والعمري في درعا الذي انطلقت منه شرارة الثورة السورية، ومسجد خالد بن الوليد رضي الله عنه بحمص) ويقصد من ذلك توهين النفوس الثورية, واحداث الهزيمة النفسية, من أجل المحافظة على أمن كيان يهود “الطفل المدلل” لأمريكا وخدمها, والحيلولة دون ظهور “جيل المساجد” الذي تربى على أن الإسلام والغرب لا يلتقيان في منتصف الطريق, وأن الإسلام دين منه الدولة تربط المسلمين من جاكرتا إلى المغرب الأقصى, كما حذّر من ذلك “المطية – العبد” وليد المعلم خوفا على مصالح أسياده.

ان التوافق الدولي على تدمير المساجد, وحجب ذلك إعلاميا, لا يتأتى من فراغ, بقدر ما يعبر عن خطط استعمارية مدروسة, تصوب نيران حقدها التاريخي الى مساجد الأمة, ومن أجل ذلك دعا مركز “راند” وهو المركز الذي يتكون أساسا من القادة العسكريين والمثقفين الحاقدين على الإسلام والمسلمين, والأهم من ذلك ارتباطه بدوائر القرار السياسي الأمريكي, هذا المركز أفاد ضمن أحد تقاريره سنة 2007 بوجوب الحذر من المساجد, فقد ركز التقرير في فصلها لأول (المقدمة) على ما يعتبره “خطورة دور المسجد” ضمن هجومه على دعاة الالتزام الفعلي بأحكام الدين الإسلامي- باعتبار أن المسجد هو الساحة الوحيدة للمعارضة على أسس الشريعة؛ ولذلك يدعو لدعم ”الدعاة الذين يعملون من خارج المسجد”.

بقلم محمد السحباني

CATEGORIES
TAGS
Share This