الدولة تحول نعمة الوفرة إلى نقمة

الدولة تحول نعمة الوفرة إلى نقمة

إذا أسند أمر ما إلى غير أهله ، تكون النتيجة حتما كارثية’ فما بالك إن تعلق الأمر بالحكم و بمسألة رعاية شؤون الناس والسهر على مصالحهم وحفظ أمنهم الداخلي و الخارجي، وكما هو معلوم بعد سقوط الخلافة وسد الأمر شكلا ومضمونا لغير أهله حيث تولى شؤون المسلمين رضوا أن يحكموا بغير ما أنزل الله ورموا بالأمة قاطبة في بحر متلاطم من المصائب والأزمات طالت حتى قوت يومهم ولقمة عيشهم. الشواهد على عجز من وكلت لهم مسؤولية رعاية شؤون الناس في البلاد الإسلامية لا تحصى و لا تعد، عجز أساس دول تديرها تشريعات و قوانين ما أنزل الله بها من سلطان، صاغتها الأهواء ووضعت لخدمة مصالح و أجندات القوى الاستعمارية في المقام الأول ومن بعدها مصالح حكام الضرار الذين أجلستهم قوى الشر تلك على كراسي الحكم و سلطتهم على رقابنا. قلنا الشواهد على عجز الدول الهجينة القائمة في بلاد المسلمين من جاكرتا إلى تطوان لا تحصى و لا تعد، ونعرض على سبيل الذكر لا الحصر كيفية تعامل الدولة في تونس مع قطاع يعد من أهم القطاعات ، إن لم يكن أهمها وهو قطاع الفلاحة المرتبط ارتباطا وثيقا حياة الناس باعتباره يمثل أحد أهم أركان الأمن وهو الأمن الغذائي، الدولة في تونس لم تحسن التعامل مع الأزمات الحاصلة فحسب، بل كانت هي المتسببة في خلق الأزمات وتحويل النعم إلى نقم،فوفرة الإنتاج هي نعمة من نعم الله لكن الدولة حولتها إلى نقمة ومعاناة لا حدود لها.فمنذ اربع سنوات كان محصول الحبوب قياسيا وبلغ أرقاما لم تشهدها البلاد من قبل، لكن هذا المحصول القياسي  تعرض جزء كبير منه إلى الإتلاف بسب عدم قدرة الدولة على استيعاب تلك الكميات الهامة جدا من القمح والشعير وترتها ملقاة على قارعة الطريق وقد قال وزير الفلاحة حينها “إن الوزارة كانت صريحة منذ البداية حول عدم قدرة الدولة على استيعاب ا الصابة القياسية للحبوب..”.من الطبيعي لن تقدر الدولة على استعان المحاصيل القياسية لأنها وبكل بساطة بنت إستراتجيتها على التوريد ، حتى أن أكثر مخازن الحبوب موجودة في المواني عوض عن مناطق الإنتاج ، فالتفكير منصب أساسا على توريد الحبوب على على إنتاجها، واذا حصل ومنّ الله على بلاد بمحاصيل وفيرة ، وبسبب رعونة الدولة يذهب جلها أدراج الرياح ويبقى الباب مفتوحا على مصراعيه للتوريد وبالتالي نبقى تحت رحمة عدو لا يرقب فينا إلا ولا ذمة يتحكم في قوتنا وفي مصيرة.مع حدث منذ أربع سنوات مع الحبوب تكرر مع زيت الزيتون، ففي نفس السنة التي شهدت محصول قياسي في المحصول شهد أيضا في قطاع زيت الزيتون ، هذا المحصول الوفير من زيت الزيتون تحول إلى كابوس أقضّ مضاجع الفلاحين كدّر صفوهم بسبب انهيار أسعار الزيت لعدم قدرة الفلاحين على تروج منتجوهم وعجز الدولة كما هو حاصل مع الحبوب على استيعاب الكميات الهامة ، فدوان الزيت التابع للدولة طاقة استيعاب خزاناته لا تتعدى ثمانين ألف طن من الزيت فحين يقدر المحصول وقتها ب350الف طن ، كل ما قمت به الدولة آنذاك ، هو تشكيل خلية أزمة شكلية لا علاقة لها بالأزمة بل زادت من تعميق الأزمة. ما حصل في قطاع الزيت سنة2020 تكرر هذا العام ، فالبلاد تعيش على وقع أزمة حادة في قطاع زيت الزيتون، حيث تشهدت الأسعار تراجعا كبيرا وباتت مهددة بالانهيار التام و المؤكد ، ما أثار استاء واسعا لدى الفلاحين وقاموا بعدة تحركات احتجاجيا مثل قطع الطرقات في معتمدية حاجب العيون، تعبيرا على رفضهم للاسعار التي لا تغطي كلفة الإنتاج المرتفعة فما بلك بتوفير المرابيح، وكما هو دأبها كانت الدولة حاضرة وبقوة من خلال التصريحات فقط فالرئيس “قيس سعيد” دعا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان استمرار عملية الانتاج، كما عبر عن وقوف الدولة إلى جانب الفلاح و حرصها على قوت الشعب ونحو ذلك من الكلام الإنشائي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.فالدولة غير قادرة على استعاب الكميات الوافرة من زيت الزيتون ، وكما ذكرنا ديوان الزيت التابع لها لا يزوعب أكثر من 80الف طن وانتاج هذا العام بلغ 340الف طن ، وكما قلنا استراتجية الدولة قائمة منذ البداية على توريد الحبوب فان استراتجية زيت الزيتون مبنية على التصدير الذي تتحكم فيه جيهات خارجية منتجة هي من تحدد الكمية التي تصدرها تونس وهي أيضا من تتحكم في السعر حسب ما تقتضيها مصلحتها، وهذا العام كان المنتوج العالمي لزيت الزيتون مرتفعا لهذا توقف التصدير زيت الزيتون في تونس مما خلق أزمة كبيرة تهدد بانهيار قطاع الزيتون برمته ليلتحق بركب القطاعات الأخرى ويكرس تهميش الدولة لقطاع الفلاحة بصفة عامة مما يحعل البلاد في تبعية مطلقة للخارج …

CATEGORIES
Share This