تونس: نظام يبحث عمّن يحميه

تونس: نظام يبحث عمّن يحميه

الخبر :

شهدت مدينة قابس في الآونة الأخيرة عدة أحداث مروعة نستعرض منها على سبيل الذكر لا الحصر.

 1) وفاة طالب مرسم بالسنة النهائية بكلية التصرف بقابس اثر تعرضه إلى نزيف حاد قوبل بإهمال من طرف الإطار الطبي بمستشفى قابس .

 2) ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات الأخيرة التي شهدتها المدينة إلى خمسة أشخاص من بينهم رئيس مركز مطماطة الجديدة ومعتمد الولاية والذي دام البحث على جثته ستة أيام ولم يتم العثور عليه إلى حد كتابة هذه الأحرف.

التعليق :

إن ما تمر به مدينة قابس من مصائب وكوارث أدت بحياة أبنائها ليس امرأ اعتباطيا, بل هو نتيجة طبيعية لسياسة ممنهجة أهدافها مرسومة ومحددة من قبل حكومتنا العتيدة, فموت شبابنا غرقا في البحر او الفيضانات أو برا في المستشفيات, في ظروف كهته التي نراها هذه الأيام إنّما يرتقي إلى درجة القتل العمد الذي يطال الكبير والصغير وحتى المسؤول نفسه, بعد سواد عم على الأجواء بحزمات من القوانين التي تفتح أبواب الشقاء في وجوه أهل المكان على مصراعيها, وليس لها من ثمار غير القضاء التدريجي على طاقات الشباب بقوانين تسهل ترويج المخدرات ونشر الشذوذ والفواحش, ولا تفضي على بنيان إلا وتنتج من صلبها من يهدمه.

إن الازدهار والرقي ورفاه المجتمع مرتبط ارتباطا وثيقا بتطبيق نظام يهدف إلى كفاية الناس ورعايتهم في كل جوانب حياتهم العقائدية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية… وكذلك مرتبط بالقائمين عليه, فان كانت رغبتهم رعاية شؤون الناس ونشر العدل بينهم وإعطاء كل ذي حق حقه كانت النتيجة حتما من جنس الهدف المرسوم. ولنا في نظام الخلافة والقائمين عليها أعظم دليل, وسنخص بالذكر الخليفة عمر ابن عبد العزيز نظرا لقصر مدة حكمه التي دامت سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام فقط. استشعر فيها المسلمون تحولا في حياتهم وتحسنا في معيشتهم وعم الخير والأمن أطراف البلاد, رغم عدم توفر الموارد الطبيعية والثروات الباطنية من بترول وغاز وغير ذلك كما في حوزة الأمة الآن, وقد عرف الخليفة عمر ابن عبد العزيز بزهده وورَعِه وعدله وحسن خلقه، وفي ما روت زوجته فاطمة: “دخلت  يوماً عليه وهو جالس في مصلاه واضعاً خدَّه على يده، ودموعه تسيل على خديه، فقلت: مالك ؟ فقال: ويحك يا فاطمة، قد وليت من أمر هذه الأمة ما وليت، فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، واليتيم المكسور، والأرملة الوحيدة، والمظلوم المقهور، والغريب والأسير، والشيخ الكبير، وذي العيال الكثير، والمال القليل، وأشباههم في أقطار الأرض وأطراف البلاد، فعلمت أن ربي عز وجل سيسألني عنهم يوم القيامة، وأن خصمي دونهم محمدا صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا يثبت لي حجة عند خصومته، فرحمتُ نفسي، فبكيت.

فخليفتنا صاحب الهمة العالية والقائل في إحدى خطبه : أيها الناس، إن لي نفساً تواقة لا تُعطَى شيئا إلا تاقت إلى ما هو أعلى منه، وإني لما أعطيت الخلافة تاقت نفسي إلى ما هو أعلى منها، وهي الجنة، فأعينوني عليها، يرحمكم الله.”

وما هذا إلا فيض من غيض عدل الخلافة وعزتها وورع و تقوى القائمين عليها .

وأما إذا ما بحثنا في أسباب انتشار الفقر والخصاصة والجهل والانحدار الفكري والغش نجده قد ارتبط ارتباطا وثيقا بالنظام الرأسمالي المطبق حاليا في كل العالم والذي يهدف إلى تفشي الفساد وانتشار الفوضى كما ارتبط بالقائمين على هذا النظام ورغبتهم في انحدار الأمة .

إن تغيير الحال في قابس خاصة والعالم عامة اوجب تغيير النظام الذي سبب كل داء واقتلاع العاملين عليه من جذورهم وتطبيق نظام الإسلام الذي اختاره الخالق وهو الخبير بشؤون مخلوقاته, و لن يكون هذا إلا في ضل الخلافة التي وعد الله بها عباده الصالحين وبشر بها الحبيب المصطفى.

قال تعالى : “وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون.” 55 النّور

إن هذه الأمة العظيمة الولادة لن تموت مادام فيها عقل أيقن بوجود الله وسلم لأوامره, وقلب ينبض بحب الله ورسوله, ودماء تجري بعشق الجهاد في سبيل الله. وهاهي الأمة الآن تستعيد عافيتها تدريجيا لتعود لها قيادة العالم وريادته قريبا إن شاء الله, لتنقذ العالم من شرور الرأسمالية وعفنها الفكري وانحدارها الأخلاقي وتهديه نور الخلافة وعدلها رحمة من رب العالمين.

ريم بو عبد الله

CATEGORIES
TAGS
Share This