حين تتنصل الدولة من واجب الرعاية: منظومة “احميني” مثالا

حين تتنصل الدولة من واجب الرعاية: منظومة “احميني” مثالا

الخبر:

أمضت شركة اتصالات تونس منذ 8 مارس 2019 اتفاقية شراكة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بقصر الحكومة بقرطاج، بحضور كل من وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي والكاتب العام للحكومة رياض الموخر، وذلك تتويجا لإطلاق تطبيقة “احميني” على الهاتف الجوال لتيسير اندماج النساء المنتميات للوسط الريفي والعاملات في القطاع الفلاحي في نظام التغطية الاجتماعية.

وتتمثل هذه التطبيقة في جمع معلوم جرايات النساء الريفيات عبر الاقتطاع المباشر من رصيد الهاتف الجوال المسبق الدّفع لحساب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي حتى تتمكن النساء المنتميات للوسط الريفي من خارج التغطية الاجتماعية من الانخراط في المنظومة.

وبالتنسيق بين مختلف مصالحها في كامل جهات الجمهورية والمصالح الجهوية لصندوق الضمان الاجتماعي، ستقوم اتصالات تونس بالاتصال بالفئة المعنية حتى يقع تجميع ملفات الانخراط ومد الصندوق بها، وبالتالي عدم تكبيد هؤلاء النساء مشاق التنقل إلى مراكز الصندوق والمصاريف المتأتية عن ذلك، وفق ما صرّح به ممثل اتصالات تونس.

وبعد تثبت الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من القائمة يقوم بإشعار اتصالات تونس بأحقية المدرجات بها من عدمه، ليتم إعلامهن عن طريق خطوط هواتفهن الجوالة، وعن طريق رمز وُضع على ذمة هؤلاء النساء سيقع الاقتطاع من رصيد خطوطهن مسبقة الدفع بصفة آلية كل 24 ساعة ما قيمته 1 دينار في حدود سقف سنوي حدّد بـ 218د حسب ما تم الاتفاق عليه مع وزارة الشؤون الاجتماعية، ولدى كل عملية اقتطاع يقع إعلام المراة المعنية به وبمجموع المبلغ الذي وقع تنزيله في حسابها بصندوق الضمان الاجتماعي عن طريق إرسالية قصيرة، حسب ذات المصدر.

هذا وشدد المدير المركزي المكلف بالمبيعات والعلاقات الدولية باتصالات تونس لسعد بن ذياب، أن هذه العملية لا تكتسي أي صبغة أو غاية تجارية بل هو عمل تضامني وإنساني لتأمين انخراط هذه الفئة من النساء في منظومة التغطية الاجتماعية، وفق تعبيره.

وتأتي هذه المبادرة تزامنا مع المصادقة على مشروع أمر حكومي يتعلق بتنقيح وإتمام الأمر عدد 916 لسنة 2002 المؤرخ في 22 أفريل 2002 والمتعلق بأساليب تطبيق القانون عدد 32 لسنة 2002 المؤرّخ في 12 مارس 2002 والمتعلق بنظام الضمان الاجتماعي لبعض الأصناف من العملة في القطاعين الفلاحي وغير الفلاحي حتى يشمل فئة هامة من النساء المنتميات للوسط الريفي من خارج التغطية الاجتماعية.

وبيّن وزير الشؤون الاجتماعية من جهته، أن هذا الإجراء سيشمل حوالي 500 ألف امرأة منتميات للوسط الريفي عاملات القطاع الفلاحي وليس لهنّ مشغل قار ولا تشملهن بقية أنظمة التغطية الاجتماعية.

التعليق:

من طبيعة النظام الرأسمالي أن لا يرعى شؤون الناس, لذلك لا يتأتى من وراء تطبيقه إلا الضيم والحيف، وهو أمر في يومنا هذا ملحوظ مشهود ملموس. ولقد عبر عن هذا رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد في قوله: إن نظرة الناس للدولة يجب أن تتغير، من دولة الرعاية إلى دولة الإشراف، بمعنى أن الدولة تراقب فقط ثم تتدخل لتأخذ نصيبها من عرق الناس, من كَدّهم وكبدهم، وهذا ما ترجمته الدساتير والقوانين فاكتوى به أهل تونس جميعا في جميع الميادين والقطاعات.

وموضوع حديثنا هنا متعلق بالنساء الريفيات العاملات في القطاع الفلاحي بأجر زهيد وظروف قاتلة بسبب حرمانهن وحرمان ربوع الأرياف عبر البلاد من حقوقهم في أبسط أساسيات الحياة, حتى أن البعض من تلك المناطق اليوم تقتصر أسمى تطلعاتها في شربة ماء نظيفة دونما عناء ترحال وحمل أثقال. فعوض أن تتدخل الدولة هنا لمنع استغلالهن ومنع خروجهن للعمل مع توفير ظروف العيش الكريم لأرباب الأسر حتى تبقى المرأة مصانة ومعززة في بيتها، نراها تتجاوز هذا الواقع الأليم لتزيد من آلام المرأة وتنهش ما بقي لها من كرامة وتواصل استغلالها بطرق وحشية ولنا في إطلاق هذا المستجد “منظومة احميني” خير مثال على فتح سبيل جديد ليتقاسم طرفان -ألفا امتصاص عرق الكادحين والكادحات- وهما شركة اتصالات تونس وصندوق الضمان الإجتماعي نهب فتات لقمة عيش الفقراء والمساكين في هذا البلد المكلوم

وإليكم التفصيل:

_ يقع اقتطاع 1د يوميا من رصيد كل مشتركة على مدى كامل السنة وبالتالي تكون كل واحدة قد أسهمت ب 365 د سنويا فيما يقول الصندوق أن السقف السنوي حدد ب 218 د، وبما أن هذا الإجراء سيشمل 500.000 امرأة فيكون حينها مدخول الصندوق 500.000 x  218د = 109 مليار.. فهل ستحظى النساء بخدمات لائقة لقاء ما يدفعنه أم أن حالهم سيظل على ما هو عليه من شظف العيش والإهمال كبقية الشعب ؟؟؟

_ أكد المدير المركزي المكلف بالمبيعات والعلاقات الدولية باتصالات تونس لسعد بن ذياب، أن هذه العملية لا تكتسي أي صبغة أو غاية تجارية بل هو عمل تضامني وإنساني… وهو محض كلام بلا واقع والحقائق تفنده والدليل أن المبلغ الذي تقتطعه اتصالات تونس على مدار السنة من كل امرأة هو 365 د، يعطى منها 218د للصندوق كسقف أعلى, فأين تذهب البقية (365 – 218=147 د)؟؟ المؤكد أنها ستصب في حسابات شركة اتصالات تونس وإلا فلن تتبخر في الهواء.

وبعملية حسابية بسيطة يكون مدخول من سيقوم بهذا “العمل الإنساني والتضامني في ظل هذا النظام الرأسمالي المتوحش” وأعني شبكة اتصالات تونس :500.000 x 147د =73.5 مليار

وبذلك يكون حجم المال المنهوب من 500.000 امرأة فقيرة ومحتاجة، ثروة تقدر ب 182.5 مليار…

فهل مازلتم تصدقون أن هذا النظام الموغل في سلب أموال المعدمين والمنهكين من الناس يمكن أن يأتي منه الخير؟ وهل يبقى قادرا على خداعكم بتصريحاته المنمقة بعناوين براقة ينكشف زيفها في أول ممارسة؟؟ وهل ستواصلون السير خلفه ليقودكم إلى مزيد الهلاك ؟؟؟

فالحذر الحذر، فالخير لا يتأتى من نظام قائم على تشريعات سنها بشر عاجزون أوردوا الشعب سوء الحال، وفي كل مرة يقولون سننجح في هذه.. بل من نظام سنه رب العالمين في دولة ذات هيبة “خلافة راشدة على منهاج من عدل بين القوي والضعيف” تطبق أحكامها على الجميع رعاية واجبة على المسؤول وليس من باب الإشراف بل من باب حسن الرعاية وواجب الحاكم تحقيق الاتكفاء للمحكوم. ومن حسن الرعاية أن دولة الإسلام تقدم التطبيب المجاني لكل الرعية ولا تمتهن كرامة الرجل أو المرأة.

قال تعالى: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُون”

علي السعيدي

CATEGORIES
TAGS
Share This