دونالد ترامب يواصل إحراج أوروبا

دونالد ترامب يواصل إحراج أوروبا

إنّ تركيز ترامب على جلب الثروة وقراراته المبنية على عقلية رجل الأعمال بدلا من عقلية السياسي تسبّبت في توتّر حاد سيؤدّي حتما إلى القطيعة التامة بين أوروبا والولايات المتحدة، فبعد الخروج من اتفاق باريس للمناخ من أجل دعم قطاع الطاقة في الداخل، ذلك القرار الذي يؤمّن عشرات آلاف الوظائف في مناجم الفحم وينعش وضعيّة شركات استخراج البترول والغاز الصغيرة والمتوسّطة، والذّي أدّى إلى غضب دول أوروبا التّي لم تدّخر جهدا في التعبير عن استيائها من هذا القرار، وبعد قرار فرض ضرائب جمركيّة على تصدير المعادن إلى أمريكا والذّي سيدخل حيّز التنفيذ في جوان القادم، ذلك القرار الذي أثار امتعاض ألمانيا وفرنسا، وبعد التلويح بامكانية فرض ضرائب على السيارات الأوروبيّة والذّي رد عليه الاتحاد الأوروبي بالمثل إذا ما اقدمت على ذلك أمريكا مما يشير إلى امكانية وقوع حرب اقتصاديّة وشيكة بين القطبين… يأتي الآن قرار خروج أمريكا من الاتفاق النووي مع ايران والذّي يضع أوروبا في وضعيّة حرجة حيث أن استثمارات شركاتها الكبرى في ايران مهدّدة بالزوال من جهة أو مهدّدة بعقوبات قد تفرضها الولايات المتحدة عليها كما هدّد ترامب في عدّة مناسبات…

ومن الواضح أنّ أوروبا عاجزة عن الردّ على الهجمة الأمريكيّة بشكل يحفظ لها قدرها في الموقف الدوليّ، فالتصريحات والمواقف لا تتعدى التعبير عن الاستياء والشجب والتنديد، مواقف يمكن تشبيهها بمواقف الجامعة العربيّة تجاه العدوان الصهيوني على الأرض المقدّسة… ومن المرجّح أنّ أمريكا بقيادة ترامب والجمهوريّين من ورائه ستستمرّ في ضرب مصالح أوروبا ضربات موجعة وستستمرّ في احراجها بل ستواصل عدم اشراكها في الموقف الدوليّ على اعتبار أنها ليست في مستوى الشراكة وآخر دليل على ذلك قرار نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس في تحدّ صارخ لأية حلول سلام كانت قد اقترحتها أوروبا في السابق، فهذا القرار لم تستشر فيه أوروبا واتخذته أمريكا كأمر واقع…

سلمان الغرايري

CATEGORIES
TAGS
Share This