كورونا ونظرية المؤامرة

كورونا ونظرية المؤامرة

لا بد أن أخبار فيروس كورونا والأحداث والمعلومات المتعلقة به قد سبقت سرعة انتشار الفيروس نفسه لكثرتها ولخشية الناس وهلعهم وحرصهم على الحياة والنجاة وتجنب الإصابة والمرض بالفيروس وما يتعلق به من إقبال الناس على تخزين السلع في البيوت وبعض الممارسات المجتمعية السيئة التي صاحبت المرض وذلك بدافع الطبيعة البشرية وسيادة المبدأ الرأسمالي وعقيدته وأفكاره النفعية الدنيوية التي لا تعترف ببعث ولا خلق ولا بقيم إنسانية ولا أخلاقية.

كنت ومنذ فترة أمتنع أن أعلق على المرض نفسه والأحداث المتعلقة بالفيروس، وذلك لكثرة ما يصل من رسائل حول المرض من نصائح وإرشادات، وأكتفي بنقل ما يصلني من أمور عنه، طبعا بعد شيء من التدقيق، لأن الرسائل تكاد تكون شبيهة ببعضها ولا داعي للتكرار لأنه قد يزيد الهلع والخوف، وجزى الله الكثير من الإخوة والأخوات الذين أسهموا في هذا الصدد.

إلا أنه كانت تلفت انتباهي المعلومات المتعلقة بنظرية المؤامرة: بين مصدق (بسبب طبيعة المبدأ الرأسمالي) ومكذب (بسبب حجم الكارثة)، فالبعض يقول إن الصين هي التي أنتجت الفيروس لأسباب صراع، والبعض الآخر يقول أمريكا، والبعض الآخر إيطاليا… وهنا بعض الإسهام في المسألة:

1. الفيروس لا يفرق بين الناس والضحايا، فهو يهجم ليفتك وينشر المرض ويسبب الأذى.

2. قابلية الناس في تقبل المرض من ناحية طبيعة أجسامهم (الكبير والصغير والصحيح والسقيم) هي التي تختلف. ولذلك فإن العجائز والمرضى المزمنين هم أكثر الناس تقبلاً للفيروس والإصابة به لحد الموت.

3. نظرة المجتمع (أيديولوجيته) هي التي تأتي بالحلول وتفرض طبيعة هذه الحلول: لأن كل شيء في المجتمعات الرأسمالية يخضع للسياسة طبعا بنسب متفاوتة ومتباينة بين الدول. ولذلك تعددت سبل مقاومة المرض؛ من مقاومته بأقصى درجات المقاومة من بدايته كما في الصين، إلى إطالة أمده حسب سياسة “مناعة القطيع” كما في بريطانيا والسويد وبعض الدول الأخرى… ويتساءل المرء: أوروبا كلها نسبة العجائز فيها عالية جدا وليست فقط إيطاليا ولكن لماذا يتفشى المرض أكثر في إيطاليا؟ هل بسبب سياسة معينة؟ هل لأن إيطاليا أرادت الخلاص من العواجيز كما يقول البعض؟ أم أن الصين أرادتها حربا بيولوجية ضد أمريكا التي تشعل حروبا اقتصادية ضد الصين؟ أم العكس؟…

4. لا شك أن هناك نظرة رأسمالية بشكل عام في المجتمعات الرأسمالية بأن العجائز أو المتقاعدين هم ذوو نسبة عالية وأنهم عديمو الفائدة وأنهم عبارة عن شريحة استهلاكية مئة بالمئة.

5. الحقيقة الماثلة أنه ومع عدم وجود أدلة دامغة على أن الصين وراء وجود وإنتاج فيروس كورونا، أو أمريكا، أو إيطاليا، أو غيرها ولكن معظم الناس لا يثقون في المبدأ الرأسمالي ولذلك دوما ما يضعون سياساته وممارساته – وإن كانت صحيحة أحيانا – تحت المجهر لأنهم عايشوا المبدأ الرأسمالي ورعايته وإدارته لشؤون العالم بكل جشع ووحشية وعدم إنسانية، والأمثلة لا تحصى وليست أسلحة الدمار الشامل في العراق المفبركة من أجل اجتياح واستباحة العراق إلا غيض من فيض كذب وتآمر كبار دعاة المبدأ الرأسمالي. ولذلك حتى النظرة بعين الريبة لما يقوم به العالم الرأسمالي من حلول – لكورونا وغيرها من المشاكل – سببها المبدأ نفسه لأنه السبب فيها بسبب ممارساته وأفعاله. وكما يقال “ازرع… تحصد…”.

د. فرج ممدوح

CATEGORIES
TAGS
Share This