لماذا تُشارك تونس في مناورات عسكريّة أمريكيّة صليبيّة؟ لماذا تزجّ بالقوّات المسلّحة في خدمة السياسات العدوانيّة الغربيّة؟

لماذا تُشارك تونس في مناورات عسكريّة أمريكيّة صليبيّة؟ لماذا تزجّ بالقوّات المسلّحة في خدمة السياسات العدوانيّة الغربيّة؟

كثرت في الأشهر الأخيرة مشاركة القوّات المسلّحة التّونسيّة في مناورات عسكريّة تنظّمها أمريكا في المنطقة، فقد شاركت في تدريبات في تونس ثمّ في المغرب في إطار مناورات الأسد الإفريقي، ثمّ أرسلت بعثة عسكريّة إلى إفريقيا الوسطى خدمة لأهداف الأمم النّصرانيّة المتّحدة، ثمّ ها هي تشارك في مناورات “النّجم السّاطع في مصر. لماذا؟ ولفائدة من؟

مناورات ” النّجم السّاطع” في مصر التي انطلقت يوم 02/09/2021 لتستمرّ إلى 17/09، وتضم في نسختها الحالية أكبر عدد من الجيوش المشاركة منذ 1980، فبالإضافة إلى مصر وأميركا، من المُقرر أن يشارك في “النجم الساطع 2021” كل من الإمارات والسعودية وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وقبرص والمغرب، وتونس وغيرها من الدول.

ويؤكد خبراء عسكريون أنّ مناورات النجم الساطع من أقوى التدريبات العسكريّة بما تشمله من نقل وتبادل خبرات القتال، ومهارات القتال في الصحراء، والتعرف على نظم التسليح المتطورة لدى الدول المشاركة.

يقول اللواء محمد قشقوش، الذي كان أحد المشاركين في مناورات 1980 ضمن القوات المصرية المحلل العسكري والاستراتيجي، إن تاريخ تدريب النجم الساطع يعود لعام 1980 وكان مقتصرا على مصر والولايات المتحدة فقط.

ويقول”قشقوش” في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن مشاركة الجيش الأميركي في التدريب تمنحه ثقلا كبيرا، حيث يعد أكبر جيش في العالم، فضلا عن أن أميركا أكثر دولة في المبيعات العسكرية.ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مدير التدريب من الجانب الأميركي أن «الولايات المتحدة تعتبر مصر من أهم الشركاء الاستراتيجيين بالمنطقة». وأعرب قادة القوات المشاركة عن سعادتهم بالروح المعنوية العالية للقوات المشاركة من مختلف الدول، آملين أن تحقق تدريبات النجم الساطع 2021 أهدافها المخططة بما يعزز علاقات التعاون العسكري بين جيوش الدول المشاركة.

فما هو الهدف من هاته المناورات؟ ومن هو العدوّ الذي يستعدّون له؟ 

النّاظر في قائمة المشاركين في المناورات يجد الدّول الاستعماريّة أمريكا وبريطانيا وفرنسا، معها بعض المشاركين من أوروبا، ثمّ يجد أغلب دول المنطقة العربيّة من الخليج (السعوديّة والإمارات) إلى المحيط (المغرب وتونس)، فمن هو العدوّ الذي تستعدّ له هاته الدّول؟ هل اجتمعت أكبر الدّول العربيّة لتصبح جيوشها جاهزة لمقاتلة كيان يهود الذي يعتدي على فلسطين؟

الجواب للأسف صار بديهيّا، فهاته الدّول جميعها لا تفكّر أصلا في محاربة كيان يهود إذ يراها الجميع ساعية سعيا إلى التطبيع والاعتراف بكيان يهود المجرم، فمن هو العدوّ إذن؟         

الجواب على هذا السؤال ليس صعبا ولا معقّدا، 

  1. أمريكا بمعيّة بريطانيا وفرنسا قوى استعماريّة عريقة في الاستعمار، عملها الأساسيّ السيطرة على شعوب العالم وتتخذ هاته السيطرة أشكالا مختلفة منها السيطرة العسكريّة ولعلّها الأهمّ فهي سيطرة على جيوش المنطقة وقياداتها.

  2. أغلب شعوب العلم استكانت وخضعت وانخرطت في المنظومة الغربيّة الرأسماليّة، إلّا شعوب المسلمين عربا وغير عرب، فهي الشّعوب الثّائرة، التي أبت أن تخضع للمنظومة الغربيّة، أبت أن ترضى بحكّام وضعهم الغرب على رقابها. 

  3. الشعوب الإسلاميّة تختلف عن سائر شعوب العالم بامتلاكها بديلا سياسيّا وحضاريّا هو نقيض للرأسماليّة والأهمّ أنّ الشعوب الإسلاميّة تتطلّع إلى إقامة دولة أساسها الإسلام لتتحرّر من السيطرة الغربيّة الرأسماليّة. وما يُعزّز هذا الأمر أنّ المسلمين لم ينسوا تاريخهم الطّويل حيث كانت دولتهم إلى عهد قريب الدّولة الأولى في العالم. 

إذا استحضرنا هاته المعطيات يظهر جليّا العدوّ الذي تسعى أمريكا وبريطانيا وفرنسا إلى حربه، نعم إنّ العدوّ عندهم هي الشّعوب الإسلاميّة الثّائرة التي تريد أن تتحرّر من هيمنة الغربيين. ويستندون في حربهم هذه على فكرة الإرهاب، إذ الهدف الأساسي لهاته المناورات العسكريّة المتكرّرة غربا (تونس والمغرب) وشرقا(مصر والخليج) هو اكتساب الخبرات اللّازمة من أجل محاربة الإرهاب. 

الإرهاب هو حجر الزّاوية في السّياسة العالميّة اليوم، والمقصود بالإرهاب هو الإسلام، والمسلمين، فالإرهاب عند الدّول الغربيّة هو أن تفكّر الأمّة الإسلاميّة في التحرّر وإنشاء دولتها الإسلاميّة. ولأجل ذلك اصطنعت أمريكا إرهابا لتنسبه إلى المسلمين ومن ثمّ تتّخذه ذريعة لتشنّ حربها الصّليبيّة العدوانيّة يقول ويسلي كْلارك القائدُ الأميركيُّ السابقُ لحلفِ الناتو في التسعيناتِ: (إنّ الحلفَ أقامَ الإسلامَ هدفاً لعدوانِه مقامَ الاتحادَ السوفيتي) ولكنْ لما كانت الدولُ القائمةُ في العالمِ الإسلامي دولاً غيرَ إسلامية، ولا تمثلُ شعوبَها، ولمّا كان حكامُها عملاءَ لأميركا وللغربِ، كانَ لا بد من استخدامِ مفرداتٍ سياسيةٍ جديدةٍ تبررُ لأميركا محاربةَ شعوبِ هذه الدولِ وليسَ محاربةَ الدولِ، ومن هنا ظهرت مفرداتٌ كالأصوليةِ والإرهابِ والتطرف، وتحولت هذه المفرداتُ إلى مصطلحاتٍ سياسيةٍ غربيةٍ، لا تعني عند إطلاقِها إلا عداوةَ الإسلامِ والمسلمين.
وعودا على بدء لماذا تشارك تونس في هاته المناورات؟ لماذا تزجّ بقوّاتنا المسلّحة في خدمة أعدائنا؟ 

أهي الغفلة؟ أم هو الجبن؟ أم الخيانة؟ 

أيّا كان الجواب فحكّام المنطقة بمن فيهم حكّام تونس لا يصلحون أن يكونوا حكّاما للمسلمين، فمهما كان الجواب فالنتيجة واحدة، إخضاع شعوب المنطقة لمستعمريها والحيلولة دون تحرّرهم. 

الدول الكبرى لا سيما الأميركان والإنجليز والفرنسيين يهرعون دائماً إلى مساعدة عملائهم من الفئات الحاكمة ومن الرجعيين والظلاميين ومن المروجين لسياستهم وقيادتهم الفكرية، من أجل وقف الدّعوة إلى إقامة خلافة والقضاء على سعيها للتغيير الشامل، لكنّ الأنظمة التي أقاموها ضعيفة ومهتزّة لا تقوى على مجابهة الشعوب الثّائرة خاصّة بعد أن ظهر عوارها وعجزها المهين. فالمسألة مسألة وقت. ولذا فإنهم يعدون أنفسهم منذ الآن للمواجهة العسكرية مع أهل المنطقة.

في هذا الإطار يجب أن ننظر إلى الوجود العسكري الغربيبقيادة أمريكا وبريطانيا والمناورات المشتركة، لنرىأنّ مثل هاته المناورات تهدف إلى جعل قوّاتنا المسلّحة في طليعة القوات الغازية لبلادنا، وأن المناورات العسكرية ما هي إلا تدريبات عملية حية على أرض المعركة التي ستدور رحاها بين المسلمين وبين أعدائهم الذين سيبذلون كل جهد من أجل الحيلولة دون نهضة الأمة الإسلامية، ودون أن تتبوأ هذه الأمة المكانة اللائقة بها بين الأمم.

هذا الوجود العسكري للعدو على أرض المعركة – ديار المسلمين – تكسبه خبرة عملية ذات أهمية بالغة تنعكس نتائجها على أرواح المسلمين ودمائهم وحرماتهم، فالاشتراك في المناورات العسكريّة هو بمثابة الاشتراك المباشر في إهدار دماء المسلمين، ويجعل سيطرة الكافر الصّليبي على أرض الإسلام.

فماذا علينا أن نفعل وما هو الواجب؟

واجبنا اليوم الوقوف بحزم في وجه الحكام الذين سمحوا وما يزالون ببقاء هذه القوات، ولابد من القيام بكل عمل سياسي يمكن أن يجلّي حقيقة هذا الوجود وأهدافه وكذلك يفضح الأساليب والوسائل التي يخفي بها الحكام هذا الاستعمار العسكري الجديد كاستخدامهم للمناورات المشتركة التي لا تنتهي أسلوباً لستر البقاء الدائم لهذه القوات، ولا بد أن يعي أفراد القوات المسلحة في جميع ديار المسلمين هذه الحقيقة ويروا بأعينهم الخطر الداهم الذي يهددهم ويهدّد أمّتهم ودينهم، الواجب اليوم أن تكون حركة الشّعوب الإسلاميّة ومنها شعب تونس حركة وعي وإدراك للدفاع عن كيانها بل ووجودها.

أ, محمد الناصر شويخة

CATEGORIES
TAGS
Share This