نجوع بل نموت جوعا وأرضنا تزخر بالثروات… تطاوين: إضراب جوع وحشي لعمال شركات المناولة بحقل نوارة

نجوع بل نموت جوعا وأرضنا تزخر بالثروات… تطاوين: إضراب جوع وحشي لعمال شركات المناولة بحقل نوارة

بعد اعتصام مفتوح منذ 3 أشهر دخل يوم الثلاثاء 5 ماي 2020 عدد من عمال شركات المناولة بحقل نوارة في إضراب جوع وحشي بصحراء تطاوين للمطالبة بإدماجهم في مواقع العمل ومنحهم الأولوية في الانتداب باعتبار السنوات التي قضوها في تهيئة الحقل وتجهيزه قبل أن يدخل حيز الاستغلال في مارس الماضي.

مع العلم أنّ الشركات التي ينتمي إليها العمال قد انتهت عقودها مع المشرفين على الحقل فطالبتهم بالمغادرة.

التعليق:

يجوع أولادنا وثرواتنا يستأثر بها المستعمر.

حقل نوّارة

  • اعتُبر حقل نوارة للغاز الطبيعي أكبر اكتشاف تعول عليه تونس

– وقيل إنّه سيساعد في تقليص عجز الطاقة بتونس بـ30% (الجزيرة)

إذ اعتبرته الحكومة من أهم المشاريع بسبب مساهمته المتوقعة في تقليص العجز الطاقي للبلاد بنسبة 30%، حيث من المنتظر أن يوفر هذا الحقل 2.7 مليون متر مكعب من الغاز، أي نصف الإنتاج الوطني و17% من الاستهلاك الوطني من الغاز، فضلًا عن إنتاج سبعة آلاف برميل من النفط المكثف.

ومن المنتظر أن ينعش المشروع ميزانية الدولة لسنة 2020، خصوصًا مساهمته المنتظرة في دفع قطاع الصناعات وتحقيق نسبة نمو أفضل وتقليص دعم المحروقات بنحو 26% في 2020، إلى جانب تقليص نفقات كل من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لصناعات التكرير المبرمجة للسنة ذاتها بمبلغ خمسمائة مليون دينار.

أكبر الاكتشافات

تم اكتشاف حقل “نوارة” التابع لرخصة الاستكشاف “جناين الجنوبية” (جنوب تطاوين)، منذ سنة 2006 بعد عمليتي حفر نجم عنهما إحداث ثماني آبار ناجحة سنة 2010، وتم بعدها إسناد رخصة امتياز استغلال “نوارة” إلى شركة “أو أم في” النمساوية.

وهذا يعني أنّ معاناة أهلنا (وخاصّة) في الجنوب ستقلّ وفقرهم سيتضاءل، فهل هذا ما حدث؟

ما يحدث اليوم أنّ بلادنا تزداد معاناتها، وشبابنا استحرّت فيهم البطالة، هؤلاء شباب يريدون العمل لا الكسل ثروة بلادهم تحت أرجلهم ويرون كلّ يوم الشركة النمساويّة تتمتّع بها وهم محرومون منها وغير قادرين على ضمان وظيفة تحفظ كرامتهم.

فما هو الحلّ؟

لقد اعتصم شبابنا في تطاوين وما زالوا يعتصمون، بل دخلوا في طريق الموت (جوعا)، ولكنّ آذان الحكومة صمّاء وأعينها لا ترى معاناة الأهل وسيخرج المسؤولون وأبواقهم الإعلاميّة ليصوّروا المضربين عن الطّعام كمعتدين يطالبون بما لا حقّ لهم فيه وسيقولون كنتم تشتغلون في شركات مناولة وقد انتهت عقودكم فشكر الله سعيكم. ولا حقّ لكم ولا يمكن للشركة النمساويّة تشغيلكم. ارحلوا بعيدا عن الشّركة. وربّما أقحموا الجيش ليحمي الشركة النمساويّة.

فمن لهؤلاء الشباب المُضيّعين؟ هل يمكن لهذا النّظام أن يجد لهم حلّا كما وجده للشركة النّمساويّة؟

هذا النّظام لا يعترف بالضّعفاء، هذا النّظام يستغلّهم ثمّ يرميهم وربّما قتلهم. هذا النّظام الرّأسمالي بسبب فكرة الحريّة أطلق أيدي الأقوياء للكسب وتركهم يستولون على الثروات تحت مسمّى الاستثمار والتنمية، فكان  أن استولى على الثروات الباطنيّة، ومن أجل ذلك سنّوا لهم القوانين وجعل استغلال النمساويين لثرواتنا حقّا قانونيّا ينفّذ بقوّة الجنديّ.

في دستورهم يقول الفصل 13 أنّ الثروات الطبيعيّة ملك للتّونسيين. ولكن كيف؟

تُعرض امتيازات الاستغلال على مجلس النّوّاب ومجلس النّوّاب يصادق على رخصة الاستغلال فتتحوّل الملكيّة إلى الشركة النّمساويّة وشركة تونسيّة تمثّل الدّولة. وأين تذهب الأموال؟ تذهب إلى الشركة النمساويّة وبعضها إلى الشركة التونسيّة ومنها إلى الميزانيّة.

فأين الشعب التونسيّ من هذه الأموال؟ وكيف انتفع بملكيّته للثروات؟؟

هكذا يظهر الدّجل الدّستوري والعبث القانوني بمصير التونسيين ويُلقي بهم على طريق الموت والانتحار. ولو جمع هذا النّظام كلّ خبراء الدّنيا فلن يجد لهؤلاء المساكين حلّا ولن يجد لهم كيفيّة لينتفعوا بثروات لهم فيها نصيب.

نعم النّظام الرأسمالي لا يجد حلّا إلا للأقوياء (وهم القلّة).

ونقول لإخواننا المعتصمين، إنّ لكم حقّا ثابتا في ثروات بلدكم كما لجميع التونسيين فردا فردا حقّا ثابتا في تلك الثروات، وهذا ليس شعارا نسوقه من باب المزايدات إنّما نحن نتحدّث عن حكم من أحكام نظام الإسلام العادل الذي حكم بأنّ الثروات الباطنيّة التي سمّاها الفقهاء (الماء العدّ الذي لا ينقطع) هي ملك حقيقيّ لكلّ مسلم وحين نقول ملكا حقيقيّا يعني يمكنه التّصرّف فيه والانتفاع به مباشرة. ويحرّم الإسلام جعل تلك الثروات امتيازات لأفراد (فما بالك لو كان أولئك الأفراد من الأجانب المستعمرين) وقد نظّم الإسلام الطريقة التي بها ينتفع أفراد الناس بثرواتهم ويكون ذلك بأن تنوب الدّولة عن الأفراد في استخراج تلك الثروات وبيعها ومن ثمّ تخصم المصاريف (فقط) ثمّ توزّع الباقي على أفراد النّاس إمّا نقدا وإمّا في شكل خدمات يحتاجونها. أمّا جعلها امتيازات لأفراد فهو ظلم عظيم.

هذا هو ديننا وهكذا تُحلّ المشاكل فيه، فلا نجوع وأرضنا زاخرة بالثروات.

محمد الناصر شويخة

CATEGORIES
TAGS
Share This