أهواء الدكتاتورية الناعمة لحكام تونس: قولوا ما تريدون ونحن نفعل ما نريد

أهواء الدكتاتورية الناعمة لحكام تونس: قولوا ما تريدون ونحن نفعل ما نريد

التأمت يوم الخميس 10 جانفي 2019 ندوة صحفية قدّم فيها العميد عبد الستار موسى الموفّق الإداري تقريره السنوي لسنة 2017, في افتتاحه عرض  نشاط ومجهودات مصالح الموفق الإداري لسنة 2017  لأول مرة في تاريخ المؤسسة بعد تسليم نسخ من هذا التقرير السنوي الرابع والعشرين لمؤسسة التوفيق إلى الرؤساء الثلاثة.

كما أعلن عن الشعار الجديد للمؤسسة وهو “حام”

الحاء: تفيد حماية المواطن لضمان حقوقه و الحوار مع السلط والإدارات.

الآلف: تفيد الإنصات للمتظلم وإنصافه وإصلاح المنظومة الإدارية والتشريعية.

الميم: تفيد معالجة الشكاوى ومساءلة الإدارة سعيا إلى إيجاد مصالحة بينها وبين المشتكي.

وإذا جمعنا هذه الأحرف تحصلنا على كلمة حـــــام أي مدافع و الموفق هو بالأساس مدافع عن كل الحقوق مثلما هو معمول به في جميع أنحاء العالم.

أما التقرير السنوي فكان عنوانه “الدفاع عن الحق واجب والقيام بالواجب مسؤولية” لأن عديد الحقوق منتهكة وأغلب الواجبات مهملة.

وفي تعريجه على فحوى التقرير أشار إلى أن عديد الإدارات تشكو تضخما في عدد الأعوان رغم قلة المهام وأخرى تشكو قلة الموظفين رغم كثرة المهام ولم يقع إلى حدّ الآن إصلاحها إصلاحا جذريا وظلت عديد السلبيات على حالها ومن بينها:

البيروقراطية المفرطة وتشعب الإجراءات وكثرة المسالك واستمرار التعامل الورقي والبطء في اتخاذ القرار.

تراجع قيمة العمل فكثيرا ما يهدر المواطن وقتا طويلا للحصول على مبتغاه وكثيرا ما تذهب مجهوداته أدراج الرياح لعدم وجود مسؤول يتفهمه أو حتى يقبله فما أكثر الأعوان حين تعدّهم ولكنهم عند الإنجاز قليل.

إهتزاز الثقة بين المواطن والإدارة والحال أن تونس في أشدّ الحاجة إلى إرساء الثقة المتبادلة بعيدا عن المماطلة والمغالطة.

غياب دليل إجراءات في جلّ الإدارات التونسية وحتى في حالة وجودها فهي تبقى على الرفوف دون استعمالها.

غياب الإرادة من أجل تطبيق القانون وتنفيذ الأحكام و القرارات الإدارية.

لا تتعجبوا فهذا الكلام وغيره ورد في تقرير الموفق الإداري مدعّم بالبيانات الإحصائية, وأنّه رغم الشعارات البرّاقة والشفافية في التقرير إلا أننا نكاد نجزم أن هذا لن يغيّر من الأمر شيئا بل هو مجرّد ذرّ رماد على العيون أولا لغياب الإرادة السياسية, فالجماعة مشغولون بصراعات أحزاب وتموقعات سياسية اللهم إذا جاءهم قرار استثنائي للتنفيذ العاجل من قبل المسئول الكبير وثانيا لطبيعة صلاحيات الموفق الإداري باعتبار القضاء هو الجهة المخوّل لها  فضّ النزاعات على سبيل الإلزام علاوة على أن تشتيت الصلاحيات ويضعف القدرة على التنفيذ وهذا ما يفسّر البيروقراطية المفرطة وتشعب الإجراءات وكثرة المسالك.

بالمناسبة من باب قوله تعالى “وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين” نذكّر السيد العميد  وغيره بأن في الإسلام هناك جهة أفضل مما هو معمول به في جميع أنحاء العالم “الرأسمالي”  ومن أحسن من الله حكما, الجهة هي قضاء المظالم, وإليك بعض من مهامّ هذا الجهاز المركزي الحسّاس في دولة الإسلام:

قاضي المظالم هو قاض ينصب لرفع كل مظلمة تحصل من الدولة على أي شخص يعيش تحت سلطان الدولة سواء أكان من رعاياها أم من غيرهم وسواء أحصلت هذه المظلمة من الخليفة أم ممن هو دونه من الحكام والموظفين.

تعيين قضاة المظالم:

يعين قاضي المظالم من قبل الخليفة أو من قبل قاضي القضاة، ذلك أن المظالم من القضاء فهي إخبار عن الحكم الشرعي على سبيل الإلزام، والقاضي بجميع أنواعه إنما يعينه الخليفة لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يعين القضاة بأنواعهم … لذا فإن قاضي المظالم باعتباره من القضاة يعينه الخليفة، ويجوز أن يعينه قاضي القضاة إذا جعل له الخليفة ذلك في عقد التكليف.

 – وتشكل محكمة للمظالم في مركز الدولة وعلى رأسها رئيس محكمة المظالم المركزية الذي يكون له صلاحية النظر في عزل الخليفة، كما تشكل محاكم فرعية لها في باقي الولايات.

– صلاحيات قضاء المظالم:

– تملك محكمة المظالم صلاحية النظر في أية مظلمة من المظالم سواء منها:

1-   المظالم المتعلقة بأشخاص أو جهاز الدولة

2-   المظالم المتعلقة بمخالفة الخليفة لأحكام الشرع

3-   المظالم المتعلقة بمعنى نص من نصوص التشريع في الدستور والقانون وسائر الأحكام الشرعية ضمن تبني الخليفة

4-   المظالم المتعلقة بتظلم الرعية من القوانين الإدارية المتعلقة بمصالحها

5-   المظالم المتعلقة بفرض ضريبة من الضرائب… أم غير ذلك

 – ويجوز أن يقتصر عمل محكمة المظالم مركزية على النظر في المظلمة من الخليفة ووزرائه وقاضي القضاة … وأن تنظر فروعها في الولايات في المظالم من الولاة والعمال وموظفي الدولة الآخرين.

 تعيين وعزل قضاة المظالم:

 – للخليفة أن يعطي محكمة المظالم المركزية صلاحية تعيين وعزل قضاة المظالم في محاكم المظالم في فروع الولايات التابعة لمحكمة المظالم المركزية.

 – الخليفة هو الذي يعين ويعزل أعضاء محكمة المظالم الرئيسية في المركز.

 – وأما رئيس محكمة المظالم الذي ينظر في عزل الخليفة فإن عزله في الأصل من صلاحيات الخليفة، إلا في حالة واحدة… وهي أن تكون هناك قضية مرفوعة على الخليفة أو وزرائه أو قاضي قضاته (إذا كان الخليفة قد جعل له صلاحية تعيين وعزل قاضي المظالم)… ذلك أن بقاء صلاحية العزل بيد الخليفة في هذه الحالة يغلب على الظن أنها ستؤدي إلى الحرام، حيث ستؤثر في الحكم وبالتالي تحد من قدرة القاضي على عزل الخليفة أو أعوانه مثلاً وتكون صلاحية العزل هذه وسيلة إلى الحرام، أي أن بقاءها بيد الخليفة في هذه الحالة حرام… وفقاً للقاعدة الشرعية: الوسيلة إلى الحرام حرام

 – أما باقي الحالات فإن الحكم باق على أصله أي أن صلاحية عزل قاضي المظالم هي للخليفة كتوليته سواء بسواء.

ومن الجدير ذكره أن القضاء في أي مظلمة من المظالم مهما كان موضوعها لا يشترط فيه وجود مدعي ولا استدعاء المدعى عليه وبالتالي لا يشترط أن ينظر فيها في مجلس قضاء… فلمحكمة المظالم حق النظر في المظلمة ولو لم يدع بها أحد، وليست ملزمة باستدعاء المدعى عليه ومن ثم ليست ملزمة بعقد مجلس قضاء… بل هي تنظر في المظلمة حال حدوثها وتصدر الحكم دون أن يقيدها مكان أو زمان.

وفي الختام فإنه ونظراً إلى مكانة هذه المحكمة من ناحية صلاحياتها… فلا بأس بإحاطتها بمظاهر الهيبة والعظمة ….بأن يجعل لها دار فخمة، فهذا من المباحات لا سيما إذا كان هذا يظهر عظمة العدل. ففي زمن السلاطين في مصر والشام كان مجلس السلطان الذي ينظر فيه في المظالم يسمى دار العدل وكان يقيم فيه نواباً عنه ويحضر فيه القضاة والفقهاء وقد ذكر المقريزي في كتاب (السلوك إلى معرفة الملوك) أن السلطان الملك الصالح أيوب رتَّبَ عنه نواباً بدار العدل يجلسون لإزالة المظالم، ومعهم الشهود والقضاة والفقهاء.

محمد الحبيب الحجاجي

عضو لجنة الاتصالات حزب التحرير ولاية تونس

CATEGORIES
TAGS
Share This