منتدى التعاون الصيني العربي 2024: بحث في التعاون أم الخطوات الأخيرة نحو إدماج الكيان الصّهيوني في المنطقة؟

منتدى التعاون الصيني العربي 2024: بحث في التعاون أم الخطوات الأخيرة نحو إدماج الكيان الصّهيوني في المنطقة؟

انعقد منتدى التعاون الصيني-العربي العاشر، يوم الخميس 30/05/2024، دعا فيه الرئيس الصّيني رؤساء مصر، والإمارات، والبحرين، وتونس وأمين عام الجامعة العربيّة. وتحدّث الجمع هناك عن قلقهم العميق إزاء الصراع الذي طال أمده في غزة، والذي أدى إلى أزمة إنسانية ».وأكدوا مواقفهم الثابتة في الدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، ومعارضة التهجير القسري للشعب الفلسطيني، ودعم عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة، والعمل بثبات من أجل التوصل إلى تسوية مبكرة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

وهناك في الصّين تحدّث « قيس سعيد »عن العدل وتكريس ما يسمونه حقوق الإنسان والمساواة بين الشعوب، فقال: « نلتقي اليوم في اطار هذا المنتدى الذي أتمنى أن يتوّج بنتائج نسعى جميعا الى تحقيقها ». وقال: « من بلاد العلامة ابن خلدون الى بلاد كونفوشيوس وغيرهما من الفلاسفة والمفكرين ليست فقط طريق الحرير بل كانت أيضا طريقا للتلاقح الفكري والتبادل التجاري. تعارفت شعوبنا منذ مئات العقود. » ثمّ قال: « نواصل معا لبناء تاريخ جديد يسوده العدل ويقوم على الحرية والإرادة المشتركة في التآزر والتعاضد والتعاون. ولم ينس أن يتكلّم بلسان التّونسيين قائلا: »الشعب التونسي الذي ينشد العدل في الداخل ينشده أيضا على الصعيد العالمي « .

 وانتقد « قيس سعيد في كلمته غياب العدل وقال: « إنّ الطريقة التي تمّ بها تقسيم العمل غير عادلة وأدّت إلى تفشّي الفقر والجهل والهجرة غير النّظاميّة، بل صار البشر بضاعة تتهافت عليها شبكات الإجرام والشبكات الإرهابية وختم  » قيس سعيد » كلمته بقوله: « نحن هنا في بيكين وأنا على يقين أننا سنزرع فكرة بل أفكارا وستنمو، وسنحصد مصيرا مشتركا طيبا ».

هكذا تحدّث سعيّد الرئيس، والقارئ المتعجّل لخطابه سيرى فيه دعوة إلى تغيير النّظام العالمي وانحيازا إلى مسار جديد قد يُمثّل أملا للمظلومين والمستضعفين في العالم، غير أنّ القراءة السّياسيّة توجب النّظر في ما صاحب خطاب الرئيس سياقه السّياسي الإقليمي والعالمي، وفي إطاره ومن دعا له:

  • كلّ الحاضرين العرب مع الرئيس قيس هم من المطبّعين مع كيان يهود بل منهم من يدعم هذا الكيان في حربه الحاليّة على الفلسطينيين، فموقف « ملك » البحرين صريح بأنّ المجاهدين في فلسطين إرهابيّون، أمّا الإمارات فأرسلت شاحنات الإمدادات إلى كيان يهود وأمّا سيسي مصر فتواطؤه مع الصّهاينة فمعلوم غير مجهول، والسّؤال هنا، ماذا يفعل معهم قيس سعيّد صاحب شعار « التّطبيع خيانة عظمى » فما بالُه يلتقي مع الخونة؟ لماذا يجتمع معهم بل يعتبِرُهم شركاء في صنع مصير مشترك؟ أيّ مصير هذا الذي لا مكان فيه إلّا للمطبّعين بل حلفاء كيان يهود؟

  • تحدّث قيس سعيّد من الصّين من بلاد كونفوشيوس، وبدا هناك سعيدا متفائلا بتحقيق العدالة وبأنّه يزرع مع الصّين فكرا سينمو وسيحصدُ مصيرا …طيّبا (هكذا)، ورأى قيس الرئيس أنّ الصين هي البلد المناسب للحديث عن العدالة بين الشّعوب، والسؤال هنا: ماذا عن شعب الإيغور؟

قيس الرئيسوهو يضاحك الرئيس الصيني ويتودّد إليه بل يرجو أن يبني معه مستقبلا عادلا للإنسانيّة لم يخطر ببالهأن يتكلّمعن جرائم الصين الوحشية ضد المسلمين في إقليم شينجيانغ « تركستان الشرقية »وكأنّها غير موجودة. وفي هذا دليل على أنّ حديث العدل ونصرة المظلومين مجرّد كلام إنشائيّ تُزيّن به الخُطب والمحافل أمّا استضعاف المسلمين بل قتلهمفأمر لا يعني رئيس تونس ولا باقي الحكّام المتواطئين،فقضيّة القضايا لكل هؤلاء الحكام هي الحفاظ على الكرسي في ظل فشل شامل لكل سياساتهم (إن كان لهم من سياسة) وعجزهم عن التعامل مع أي قضية تمس حياة الناس. وإنما ركز الحديث على العلاقات الاقتصادية والتجارة الدولية وكأن جرائم الصين ضد المسلمين الإيغور في عالم آخر.

  • الصّين التي ذهب إليها قيس سعيّد، ويتحدّث عنها الإعلام والوسط السياسي في تونس بأنّها القطب العالميّ القادم وأنّه من الحنكة التوجّه نحوها، هاته الصّين لا سياسة لها إلّا إرضاء الأمريكان بل ومساندتهم، الصين تتقارب مع منطقة الخليج اقتصادياً لأنها تتخوف وبقوة من أن تقطع أمريكا وأوروبا سلاسل الصناعة الصينية خاصة سلاسل التصدير للأسواق الغربية، فما يجري تداوله اليوم بخصوص الخطأ الاستراتيجي في الاعتماد الكبير على موارد الطاقة الروسية في أوروبا هو عين ما هو قادم من الاعتماد الكبير في الغرب على سلاسل التصنيع الصينية، وقد بدت مؤشرات قوية لذلك…. وفي هذا الإطار ومن أجل محاولة منع ذلك فإن الصين تقوم بأعمال وقائية لمنع سلاسل توريدها للغرب من التعرض لما تعرضت له سلاسل روسيا خاصة في موضوع الطاقة، ولذلك بادرت الصّين بأعمال وقائية ففصلت نفسها عن روسيا،وتماهت مع المواقف الغربية فصارت تعلن التزامها وتقيدها بالنظام الدولي (الأمريكي) وتنتقد ما ينتقده الغرب.

  • فانظر إن شئت إلى دعوة الرئيس الصّيني إلى حلّ الدّولتين وإلى مؤتمر دولي للسلام، سترى كلاما أمريكيّا يُقال بلغة صينيّة صريحة، فأمريكا هي التي تريد فرض حلّ الدّولتين وهي التي تسعى إلى سلام بين كيان يهود الغاصب وحكّام العرب. ولهذا دعت الصّين أهمّ العرب المطبّعين مع الكيان الغاصب ولهذا تمّ تناول المسألة الفلسطينيّة من وجهة نظر أمريكيّة تسويقا للحلّ الأمريكي. فلو قال قائل إنّ هذه القمّة أمريكيّة بثوب صينيّ ما خالف الصّواب. ولو قال قائل إنّ هذه القمّة الصينيّة العربيّة ليست إلّا تمهيدا لتطبيع شامل مع كيان يهود لما أخطأ.

وخلاصة القول إنّ حكّام العرب اليوم، لا يتحرّكون حركة أو يجتمعون اجتماعا إلّا لتزداد فضائحُهم، فحجم الخراب الذي صنعته أيديهم بالتّواطؤ مع الأعداء أمريكا وأوروبا، وحتى مع الصين، هو أمر هائل مريع، لا يُمكننا معه الحديث عن سياسة « عربيّة » أو تونسيّة أو مصريّة بل تخبّط وهرولة لتنفيذ ما يُطلب منهم، ما يجعلهم بعيدين عن تحقيق أي نجاح يبرر استمرارهم في الحكم، بل بعيدين عن شعوبهم لا يُحسنون إلّا اتّباع أمر كلّ طاغية مستعمر كأنّما أصابتهم غاشية ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون﴾.

CATEGORIES
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )