رمضان شهر الصّيام والجهاد فما بال غزّة وحدها؟

رمضان شهر الصّيام والجهاد فما بال غزّة وحدها؟

يُطلّ علينا شهر رمضان المبارك والحرب على غزّة بل إبادة غزّة تدخل شهرها السّادس، قتل وتدمير مستمر مسعور لا هدف له إلّا محو غزّة من الوجود في حرب أثيمة تقودها أمريكا تمويلا وتوجيها لعصابات يهود يعاونهم خونة العرب والتّرك والفرس، قتلوا الرجال والنساء والشيوخ والأطفال والرضع، جرفوا الأشجار ودمروا الطرقات وفجروا المستشفيات والبيوت، منعوا دخول الغذاء والدواء  إمعانا في الجريمة تجويعا وتشريدا، فخخوا الأنفاق وفتحوا طرقا « آمنة » لاصطياد الفلسطينيين،عسى لأحقادهم أن ترتوي من دماء المسلمين وأنّى لها الارتواء؟

ستّة أشهر وغزّة وحدها تُحرق، غزّة وحدها تُبادُ والجميع ينظرون إلى نيران الحقد الصليبيّ اليهوديّ تأكلها

كلّ قوى الشّرّ العالميّة تحالفت وتكالبت على غزّة، وغزّة وحدها. لا نصير، ولا معين.

فهل غزّة قطعة من كوكب آخر؟ أليست هي غزّة هاشم؟ أليست من أرض فلسطين التي باركها الله تعالى في كتابه العزيز أليست غزّة جزء من بلاد الإسلام العزيزة؟ فما بالُها وحدها.

أليس أهل غزّة مسلمين؟ أليس رمضانهم هو رمضاننا؟ أليس دينهم ديننا؟ فما بال غزّة وحدها؟

اهتزّت كلّ الأمّة الاسلاميّة وخرجت ترفع (وما زالت) الصوت عاليا داعية إلى نُصرة غزّة إلى الجهاد في سبيل الله وإنقاذ الأهل في غزة بتحريك الجيوش وفتح الحدود. ولكن ما من مجيب، ومازالت غزّة وحدها.

فما بال الجيوش؟ أين ضبّاطُها؟ أين جنودُها؟ هل تُترك غزّة وحدها؟

هذا شهر رمضان المعظّم شهر ليس كالشهور؛ إنّه ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾، الشهر الذي يصوم فيه المسلمون امتثالا لأمر ربّ العالمين، فهل نترك غزّة وحدها؟ أين جيوش المسلمين؟ أين ضبّاطها وجنودها؟ هل يتركون الأكل والشراب امتثالا لربّ العالمين، وينسون غزّة وأطفالها ونساءها وشيوخها؟ ألا يتشوّقون إلى الجنّة ونعيمها، ألا يستحضرون سيرة نبيّهم ﷺ وسيرة أصحابه وسِيَر خلفائه الرّاشدين رضي الله عنهم. ألا يستذكرونالملاحم والفتوح والانتصارات التي سطّرها المجاهدون الذين كانوا ﴿لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾، والذين كانت خيولهم تقطع الوديان والقفار وتتسلّق الجبال وتنحدر في الوديان، عادياتٍ ضبحا، ومورياتٍ قدحا، ومغيرات صبحا، تثير النقع وتتوسط به جموع الأعداء، جهادا ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً﴾، فنصرهم الله تعالى، ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾.

رمضان الذي شهد أعظم الانتصارات التي منّ الله بها على أمّة الإسلام، ففيه كانت بدر الكبرى، التي نصر الله تعالى فيها القلّة من المؤمنين على الكثرة من المشركين، ﴿يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ﴾. وفيه كان فتح مكّة، يومها حطّم النبيّ ﷺ أصنام الكعبة وسقطت بلا رجعة دولة الشرك التي حاربت الإسلام منذ ولادته وحالت بينه وبين العرب، لتدين بعدها سائر العرب تباعا حتّى غدت الجزيرة دارا واحدة تدين بالإسلام وبالولاء لدولة النبيّ ﷺ.وفيه كانت القادسية المعركة الفاصلة التي أجهزت على إمبراطورية المجوس فدخلت بلاد فارس وأهلها في دار الإسلام.وفيه كان فتح بلاد الأندلس فكان عبور الإسلام إلى أوروبا. وفيه موقعة حطّين يومها قاد السلطان الناصر صلاح الدين جيش المسلمينليحُطّم جيش الفرنجة الصليبيين ويحرّر بيت المقدس بعد احتلاله قرابة تسعين عاما.وفيه معركة عين جالوت التي كسرت إلى الأبد جيش المغول الذيقتل الملايين وهدم المدن وأسقط خلافة المسلمين في بغداد وقتل آخر خلفائها.

نعم رمضان شهر الجهاد والانتصارات، وها هو شهر رمضان يعود من جديد، فما بال جيوش المسلمين؟ أين ضبّاطُها وجنودُها؟

ها هي الفرصة تتجدّد، شهر رمضان شهر المنح الربّانيّة، ها هو ربّ العالمين يمنحكم رقاب يهود، فما بالكم متردّدين، أتخشون أمريكا؟ ألم تروا إليها كيف مرّغ قلّة من الشّباب المجاهدين الصّابرين في غزّة هاشم أنوفهم وأنوف عصابات يهود في التّراب؟ أتخشون حكّامكم والحال أنّهم يستمدّون منكم كلّ قوّتهم؟ ألستم من يحمونهم ليبقوا في كراسيّهم ويتواطؤون مع عدوّكم؟ أتركنون إليهم وربّ العالمين يحذّركم من فوق سبع سماوات (ولا تركنوا إلى اللذين ظلموا فتمسّكم النّار) وتتركون غزّة وحدها؟

ها هو شهر رمضان المعظم يعود فكيف ننعم وأهلنا يُبادون؟ كيف نأكل ونشرب وإخوتنا جوعى وعطشى محرومون؟ كيف ننام ونهنأ وأهلنا في غزة وفلسطين لا فراش ولا غطاء ولا لباس؟ كيف نبرأ وجزء منّا عليل؟؟

ألسنا أمة واحدة؟ألسنا أمة من دون الناس ذمتنا واحدة وسلمنا واحدة وحربنا واحدة يسعى بذمتنا أدنانا ونحن يد على من سوانا؟أليست غزّة منّا؟ ألا تخجلون؟ أم هل تطيقون العار الذي جلّلكم به حكّام السّوء؟ ألا تتوقون إلى نصر مؤزر في رمضان شهر الجهاد والانتصارات؟ ألا تشتاقون إلى احتضان إخوانكم في فلسطين ومداواة جراحهم؟ ألا تشتاقون إلى لمّ شمل أمة الإسلام في دولة واحدة، فلا حدود ولا وطنيات ولا زرائب ولا قوميات…؟

شهر رمضان شهر منحة من ربّ العالمين، فيه يقرب العباد من خالقهم طاعة وتذللا… مزاياه كثيرة إلى درجة أن أعداءنا أمريكا وعصاباتها يخشونه، لذلك نراهم في سعي محموم لوقف الحرب على غزة في رمضان خوفا من استفاقة الجيوش كلّها أو بعضها، خوفا أن تهبّ الأمّة لتستأنف ما بدأته في 2011 فتُسقط عروش العملاء والخونة وبخاصّة فرعون مصر، وتتوحّد خلف قيادة رشيدة تقود جيوش المسلمين كلّهم أو بعضهم فيلتحمون بالشباب المجاهدين الصّابرين في فلسطين فيعمّ طوفان الأقصى ويُغرق المعتدين مجرمي الحروب وعصاباتهم وأذنابهم.

أين عزّتكم وكرامتكم، أين غيرتكم على أعراضكم، أين جمعكم، إلى متى ترضون بالقعود، وتلتصقون بالأرض، إلى متى الرّكون إلى الذين ظلموا، إلى متى تُعينون أشباه الحُكّام على باطلهم، إلى متى تصدّقون كذبهم؟لقد طال التصاقكم بالأرض، وعيشكم بين الحفر، ألا تشتاقون إلى السيادة والريادة؟ ألا تشتاقون إلى اقتعاد مكانتكم بين الأمم: خير أمّة أخرجت للناس، تقود العالم كما كان أجدادكم؟ ألا تحبّون أن يكون لكم دولة حقيقيّة قويّة على منهاج النبوة؟ ألا تشتاقون إلى الجنة عرضها السماوات والأرض؟!!!

قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ).

CATEGORIES
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )