مشروع (نيوم) نموذجا.. بن سلمان يهوّد بلاد الحرمين ويطمس معالمها الإسلاميّة

مشروع (نيوم) نموذجا.. بن سلمان يهوّد بلاد الحرمين ويطمس معالمها الإسلاميّة

يبدو أنّ النظام السعودي لم يكتف بالتّطبيع العلني مع كيان يهود ومحاربة الله ورسوله والمسلمين نيابة عنهم، بل تجاوز هذه الفظاعات ليسلّمهم بلاد الحرمين بأقدس مقدّساتها تحت مسمّى مشروع (نيوم) بوصفه لبنة في صرح (إسرائيل الكبرى). وللتذكير فإن هذا المشروع الذي انخرط فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان منذ أكتوبر 2017 هو ـ ظاهريّا ـ مشروع استثماري تجاري وصناعي وسياحي يتركّز على السّاحل الشمالي الغربي من البحر الأحمر بطول 150 كلم وعرض 100 كلم، وتبلغ تكلفته 500 مليار دولار..أمّا مساحته الإجماليّة فتمسح 26.500 كلم2 (مرّتين ونصف مساحة لبنان) شاملة في جزء منها بعض الأراضي الأردنية والمصرية و »الإسرائيلية » أيضًا..هذا المشروع/الدّويلة مُسخّر بزعمهم (لدعم الإبداع والفنون) فيما هو واقعًا نواة لأكبر بؤرة للفساد والفجور في المنطقة: فهو عبارة عن تأسيس لتجمّع منتجعات ومراقص وكازينوهات ونوادٍ مشبوهة على شاكلة ما هو موجود في الإمارات وشرم الشيخ إضافة إلى البنوك والبورصات والشركات التجارية وبعض الصّناعات لتكون مرتكزًا لتجمّع الأثرياء أصحاب رؤوس الأموال في المنطقة والعالم من اليهود والأمريكان والأوروبيّين..وأمثال هذه البؤر تكون عادةً مراكز للتجارة بكل شيء بما في ذلك الخمور والمخدّرات والرّقيق الأبيض إناثا وذكرانا تحت غطاء السياحة: إذ يشتمل المشروع على سبع نقاط جذب بحرية سياحيّة بالإضافة إلى 50 منتجعًا وأربع مدن سياحيّة صغيرة ومشروع سياحي ضخم منفصل بالبحر الأحمر يلتحم بمنتجعي شرم الشيخ والغردقة بمصر والبتراء بالأردن وأيلات ب »إسرائيل » ليكوّن (دويلة سياحيّة) يُشرف عليها الإسرائيليّون بمقتضى رؤية 2030 للمنطقة.. وضمن هذه الرؤية يسعى الفاجر بن سلمان إلى تغيير نمط عيش السعوديين وتفكيرهم نحو العلمانية والحياة الغربية بفسقها وفجورها ويبدّد في سبيل ذلك المليارات من أموال الأمّة المتأتيّة من الحجّ والنفط حتّى يهيّئ المنطقة وشعوبها للمشروع التوراتي الصهيوني « إسرائيل الكبرى »..

السعوديّة 2030

هذا المسخ الممنهج لهويّة الجزيرة العربيّة وتركيبتها العرقيّة والإثنية انتقل مع محمد بن سلمان إلى سرعته القصوى وتحوّل إلى مخطّط حكومي يرمي بكلّ صفاقة إلى نزع القداسة عن مشاعر الحجّ تنظيرًا وممارسة، أي تهيئة العقليّات لإنجاز ذلك والقبول به وتزويده بترسانة تشريعيّة وبنية تحتية والانخراط فيه على جميع المستويات دون تحفّظ ولا خطوط حمراء..وقد جسّد بن سلمان هذا الانبطاح اللاّمشروط في خطّته لسنة 2016 (رؤية السعودية 2030) وهي خطة ما بعد النفط في المملكة السعودية وتشمل ـ إلى جانب البرنامج الاقتصادي الذي يمكّن لأمريكا وشركائها ولوبيّاتها المالية ـ برنامجين مسمومين خطيرين يستهدفان الهويّة والمقدّسات: الأوّل هو برنامج (تعزيز الشخصيّة السّعودية) الذي يُعنى بتكريس الهوية الوطنية للأفراد وإحياء التراث الوطني للملكة وترسيخ قيم التّسامح والوسطية والاعتدال وخلق جيل يتماشى مع اقتصاد السوق المفتوح القائم على النفعيّة والرّأسمالية الجشعة ومع المخطّطات الاستعمارية لدمقرطة المملكة وتفتيت رواسب الإسلام فيها وفي شعبها..كما يتطلّع إلى (تصحيح الصورة الذهنيّة للملكة السعودية خارجيًّا) من دولة وهّابية إلى دولة ديمقراطيّة منفتحة على ثقافات العالم..أمّا البرنامج الثاني فهو الهيئة العامّة للترفيه وهي ذراع الفساد والتّمييع العمليّة، وما مصطلح (ترفيه) إلاّ تهذيب وتغطية على ذلك، وقد أُسند إليها نظريًّا دور تنظيم وتنمية قطاع الترفيه في المملكة وتنويع وإثراء تجاربه وتوفير الخيارات والفرص الترفيهيّة لكافّة شرائح المجتمع. بمعنى أن دور الهيئة هو تكريس العقليّات الترفيهية التافهة المائعة وتزويدها بالبنية التحتية والتمويل والترسانة القانونية وتنشيطها واستحثاثها من أجل إفساد الذوق العام وتمييعه بما يُفقد البلاد مناعتها وطابعها الإسلامي المتميّز بوصفها قلب مقدّسات المسلمين ويؤدّي عمليًّا إلى امتهان تلك المقدّسات والاستخفاف ببيت الله الحرام ومدينة رسوله المنوّرة والاستهانة بها، وصولا إلى القبول بالتّفريط فيها إلى يهود. ولم يتوقّف الأمر عند النوايا (السيّئة) بل تعدّاها إلى الممارسة الميدانيّة على أرض واقع بلاد الحرمين الشريفين في تطاول صفيق على الله ورسوله لا يجرؤ عليه إلاّ أحفاد آل سلول..

الشرق الأوسط الجديد

في أيّ سياق سياسي يتنزّل مشروع (نيوم) وفي أي مخطّط يندرج..؟؟ ككلّ المشاريع الصّهيونيّة المستهدفة للإسلام والمسلمين، فإنّ لمشروع (نيوم) ظاهرا وباطنا: أمّا ظاهره فاقتصاديّ استثماريّ سياحيّ، وذلك لتسويقه بين المسلمين وتمريره دون منغّصات عقائديّة إيديولوجيّة..ففي كتابه (الشرق الأوسط الجديد) عبّر الرّئيس الإسرائيلي الأسبق شمعون بيريز عن تصوّره واستشرافه لمستقبل العلاقات العربية/الإسرائيلية، وقد تنبّأ بقيام تكتّل اقتصادي عربي/إسرائيلي يماثل الاتّحاد الأوروبي بين كيان يهود ودول الطّوق خاصّةً الأردن ومصر والسعودية، كما توقّع أيضًا إصدار هذا التكتّل لعملة موحّدة وإحداث مناطق تبادل حرّ وخلق مدن استثماريّة وسياحيّة مشتركة وتركيز مشاريع صناعيّة عملاقة وأخرى لإنتاج الطّاقة تكون عابرة للحدود..ولكن السؤال المحيّر هو كيف ستشارك السعودية (بيضة القبّان اليهودي) في هذا المشروع وهي لا تمتلك حدودًا جغرافيّة مع إسرائيل..؟؟ سنة 2016 وفي خطوة مفاجئة منحت مصر السيسي للمملكة جزيرتي (تيران وصنافير) الموجودتين قبالة خليج العقبة وقريبًا من الحدود الجنوبيّة لإسرائيل بدعوى أنّ الجزيرتين هما في الأصل تابعتان لمملكة الحجاز وفق الوثائق الاستعمارية البريطانية، وأنّ مصر كانت تمارس وصايةً عليهما وقد حان الوقت لإعادتهما إلى آل سعود..وبذلك أصبحت المملكة معنيّة باتّفاقية كامب دايفد للسلام إلى جانب إسرائيل ومصر والأردن ومشمولة أيضًا بما تنصّ عليه الاتّفاقية من مشاريع مشتركة بأثر رجعي..وقد أكّد شمعون بيريز في كتابه على أهمية الجزيرتين لإسرائيل لأنّهما منفذها الوحيد لتقيم لنفسها ميناءً مستقلاًّ في شمال البحر الأحمر أحد أكثر الممرّات البحرية استراتيجيةً في العالم، وقد جاءت ملامح التنسيق الاقتصادي المقترحة متطابقة ـ بقدرة قدير ـ مع رؤية بن سلمان للسعوديّة 2030..أمّا عن تقسيم الأدوار بين الطرفين العربيّ و »الإسرائيليّ » وحجم كلّ طرف وتأثيره ونفوذه في المشروع، فيرى بيريز أنّ المشروع يُقام بأموال العرب والمسلمين، أمّا التّخطيط والتّنفيذ والتحكّم والاستفادة فهي خالصة لليهود (هكذا!!)..

مملكة نيوم

أمّا باطن مشروع (نيوم) وسمّه الذي سيُمرّر عبر الدّسم الاقتصاديّ التنمويّ فهو توراتيّ عقائديّ مغرق في الميثولوجيا العبريّة والتصوّر الصّهيوني الماسونيّ للدّولة اليهوديّة: فلفظ (نيوم) هو مصطلح توراتيّ بالأساس يحيل على مملكة يهوديّة تاريخيّة مزعومة تتموقع شمال غرب الجزيرة العربيّة..هذه المملكة نجد مواصفاتها ـ موقعا وحدودا ومساحة ـ مفصّلة مثبتة في سفر التّكوين الجزء 18 الأسطر 15/21، وقد حظيت الخارطة المنبثقة عنها بإجماع الأوساط الدينيّة والسياسيّة اليهوديّة: فقد تبنّتها كلّ من الحركة الصهيونيّة في منشوراتها ومنظّمة (هاشاشار/يان يهوذا) اليمينيّة التلموديّة منذ سنة 1917 بنيويورك..كما تبنّاها الحاخام المتطرّف (أيتمار بن ليفي) زعيم منظّمة (شاس)، وهي الآن مرسومة على العملة المعدنيّة الإسرائيليّة (الأقورا)..وبمقارنة خارطة مملكة (نيوم) التّوراتيّة بخارطة مشروع (نيوم) السّعوديّ نجد أنّ هذا الأخير نسخة طبق الأصل لوصايا سفر التّكوين وللمواصفات التّوراتيّة، فهل يمكن أن يكون ذلك مجرّد مصادفة..؟؟ ومن مقتضيات كونها مملكة توراتيّة أن يشرف عليها (شعب الله المختار)، لذلك فإنّ دستور هذا المشروع/الدّويلة ينصّ صراحة على أنّ اليد العليا فيه لليهود: يقول الحاخام بن ليفي (لدينا سلطة تشريعيّة كاملة ومنفصلة في نيوم)، بمعنى أنّ دويلة نيوم (26.500 كلم2) ليست خاضعة للمملكة السعوديّة ولا لأمنها وجيشها وحكومتها وسلطاتها السياسيّة، بل مستقلّة يضع قوانينها اليهود ويحكمونها فعليّا بشرائع التّوراة..وقد جاءت النّواحي العمليّة الميدانيّة مصداقا لذلك: فالمشروع برمّته ـ تصوّرا وتصميما وتخطيطا وإشرافا وتنفيذا ـ يهوديّ بحت، من الشّركات الهندسيّة التّابعة لمكتب (كوشنار) بتل أبيب إلى الشّركة الأمنيّة التي رسا عليها العطاء وهي شركة (عوفر) اليهوديّة، وقد سجّلت حضورها منذ ثلاث سنوات في مكّة المكرّمة أثناء موسم الحجّ (نعم ؟؟)..

التّهويد والطّمس

إنّ مشروع (نيوم) هذا يتنزّل في إطار ما يسمّى بدولة (إسرائيل الكبرى) التي تضمّ قرابة النّصف الشماليّ للمملكة السعوديّة الحاليّة إلى حدود المدينة المنوّرة جنوبا، وقد أمضى آل سعود/سلول وكهنة معبدهم السّبعين سنة الماضية في تهيئة تلك المنطقة لتسليمها ليهود.. وتتمثّل هذه التّهيئة في تهويد بلاد الحرمين وطمس معالمها الإسلاميّة: فقد طمسوا كلّ الآثار الإسلاميّة بما في ذلك الكعبة نفسها التي أصبحت مغطّاة بالمباني السياحيّة والعمارات العملاقة والأبراج الشّاهقة لاسيّما برج السّاعة الماسوني، وهم يحاولون بكلّ ما أوتوا من عزم إزالة الصّبغة التعبّديّة الدينيّة عن مكّة المكرّمة وتحويلها إلى مدينة سياحيّة درجة أولى..وبشكل متواز نجدهم يسيّجون الآثار اليهوديّة في المدينة المنوّرة وأطرافها وخيبر وتبوك وجبل اللّوز والمنطقة الجنوبيّة من جبال تهامة: فكلّ الآثار اليهوديّة مازالت محافظة على حالتها التّاريخيّة عندما طُرد اليهود منها، بينما كلّ الآثار الإسلاميّة ـ بما فيها بيت الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وبيوت الصّحابة رضوان الله عليهم ـ تمّ هدمها وتحويلها إلى ميضاة ومراحيض وأسواق مواشي (نعم ؟؟) بحجّة محاربة الشّرك أو توسعة الحرمين، حتّى جبل أحد الذي (يحبّنا ونحبّه) لم يسلم من هذه الحملة الخسيسة وهو مهدّد بالجرف والتّسوية بما يمثّله من مآثر وما يحتويه من معالم ووقائع وقبور للصّحابة..فالآثار الإسلاميّة شركيّة وتؤدّي إلى الشّرك، أمّا الآثار اليهوديّة فتتمّ حمايتها علنا ودراستها وحفظها على حالتها التّاريخيّة والتكتّم عليها لإظهارها في اللحظة المناسبة، فيما يقع طمس واجتثاث كلّ الآثار الإسلاميّة..إنّ مشروع/مملكة (نيوم) التّوراتيّة مؤامرة لتسليم بلاد الحرمين لليهود برعاية الفاجر بن سلمان، وهي الآن في لمساتها الأخيرة، بمعنى أنّ أحفاد القردة والخنازير يتسلّلون إلى أقدس مقدّساتنا، مرقد رسولنا الكريم عليه الصّلاة والسّلام وكعبة أبينا إبراهيم، فهل من مدافع عن شرف الإسلام والمسلمين..

أبو ذرّ التونسيّ (بسّام فرحات)

CATEGORIES
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus (0 )