هل يستطيع المسلمون منع العدوان وإبطال جرائم الإبادة في غزّة؟

هل يستطيع المسلمون منع العدوان وإبطال جرائم الإبادة في غزّة؟

عمّت المظاهرات الجامعات الأمريكيّة، ثمّ انتقلت شرارتُها إلى جامعات أوروبيّة عريقة، رفع الطّلبة وأساتذتهم أصواتهم يطلبون من الإدراة الأمريكيّة وقف الإبادة الجماعية في غزة. وقد قابلت الحكومة الأمريكيّة تلك الاحتجاجات بالتّشويه فالقمع في صورة تكشف زيف ادّعاءات أمريكا بالدّفاع عن الإنسانيّة، أمريكا هذه التي ملأت الدّنيا صراخا تزعم أنّه ذهبت إلى العراق فأفغانستان من أجل إنقاذ شعوب مظلومة، فحطّمت العراق تحطيما، وهدمت بلاد الأفغان ثمّ ها هي تشارك في إبادة الفلسطينيين في غزّة بل هي من يقود عمليّة الإبادة بشكل منهجيّ مرسوم.

لقد كانت مشاهد الإبادة مفزعة مروّعة لم يستطع من في قلبه ذرّة إنسانيّة أن يقبلها، فخرج طلّاب أعرق جامعات أمريكا يطلبون إيقاف المجازر اليوميّة. لأنّهم يدركون أنّ مفاتيح الحرب هناك بيد أمريكا فهي القائد والمموّل وقياداته هي التي تحشد التأييد السّياسي لكيان يهود في فلسطين.

ومع ذلك لن توقف أميركا المجازر، لن توقفها حتّى تعلم أنّها حقّقت مآربها، ولماذا توقفها وهي آمنة مطمئنّة وهي تعلم أنّ حكّام العرب والمسلمين لن يُحرّكوا ساكنا.

نعم إن أميركا، في حسابات حكامها، لن يثنيها شيء عن شنّ الحروب وقتل الشّعوب. ودعم كيان يهود عند أمريكا أمر حيويّ وهدف استراتيجي. والهدف الاستراتيجي تعمل الدول عادةً على تخطي العقبات واختراق كل حصار واختلاق الأعذار من أجل تحقيقه. فالهدف الاستراتيجي يجب تحقيقه مهما تأخر.

والسؤال: كيف السّبيل إلى لجم حكام أميركا، ومن يوقف عربدتهم؟ من يتصدّى لهم؟ من يكسر شوكتهم؟

من يملك الجواب على هذا السّؤال؟

الأصل أن يكون الجواب عند حكّام المسلمين وجيوشهم، وأن يكون شغلهم الشّاغل إيقاف الإجرام الأمريكي وإيقاع أشدّ العقوبات على مجرمي الحروب ومصّاصي الدّماء.

ولكنّ حكّام المسلمين اليوم يقفون مواقف الخزي والعار والخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين. فهم يقدمون لأميركا وبريطانيا كافة التسهيلات العدوانية من فتح أجواء دولهم واستعمال أراضيها ومياهها الإقليمية، وتقديم قواعدها العسكرية ومطاراتها وموانئها، والسماح لها بالقيام بمناورات عسكرية في أراضيها.

وإنه من المعلوم كذلك أن فلسطين محاطة بمصر والأردن وسوريا ولبنان ومن ورائها إيران ثمّ السعوديّة واليمن، ثمّ شمال إفريقيا. فكيف وصل السّلاح الأمريكي إلى كيان يهود من غير استعمال أراضي المسلمين، أو الانطلاق منها والعودة إليها والتحليق في أجوائها. فلو وقف هؤلاء الحكام ومنعوا الإمدادات الأميركيّة أن تمرّ من أراضيهم أو بحارهم أو أجوائهم هل كانت تستطيع أن تقوم بأي اعتداء؟ وهل كان لكيان يهود أن يستمرّ في ضراوته وجرائمه دون السلاح الأمريكي؟ ولو وقف هؤلاء الحكام موقفاً واحداً في مواجهة أميركا وكسروا الحدود واحتضنوا غزّة وأهلها وحموهم شرّ الجوع والعراء والبرد، هل كانت المجازر لتستمرّ؟  لكنّهم بدل ذلك قدموا الدّعم لكيان يهود وأمدّوهم بالمؤن والذّخائر، وسمحوا للإمدادات الأمريكيّة أن تمرّ. فاستمرّ الذّبح في أهلنا هناك. لا بقوّة أمريكا أو كيان يهود إنّما هي الخيانة المستمرّة، الخيانة هي التي تقتُل هناك أهلنا في فلسطين كما قتلتهم من قبل في العراق. لو هدّد حكّام مصر وتركيا والجزائر وتونس مجرّد تهديد بالرّدع المسلّح هل كان كيان يهود يواصل جرائم الإبادة؟ بل هل كان سيفكّر في مهاجمة غزّة؟

ولكن هؤلاء الحكّام بعضهم يقف بجانب أميركا وكيان يهود، فالأردن لم نسمع يوما أنّها أطلقت رصاصة واحدة ضدّ كيان يهود، ولكنّها أطلقت الصّواريخ لتدافع عن كيان يهود وتحميه. أمّا مصر فتبني الجدران لتحكم الحصار على غزّة ولا تحرّك جيوشها إلّا لإبادة أهل سيناء وتهجيرهم. وبعضهم مكّن لأميركا حتّى تقيم القواعد العسكريّة التي هي منطلق العدوان على كلّ الشعوب المسلمة. وبعضهم يقف كالحرباء متلوناً يهاجم أميركا علناً وينسق معها سراً أو علنا (لا فرق).

 إن حكام هذه الدول لو اجتمعوا متحدين في وجه أميركا ووقفوا وقفة رجل واحد مع شعوبهم لما فكر الأميركان مجرد تفكير بالغزو ولما فكّر الصّهاينة في إطلاق صاروخ واحد على غزّة. ولكن أنّى لهم الاجتماع والاتّحاد وهم لم يصلوا إلى كراسي الحكم إلّا بدعم غربيّ (أمريكي أو أوروبي) مباشر. أنّى لهم موقف الرّجال والشّجعان وأنت لا ترى منهم إلّا متواطئا مع العدوّ زمن الحرب، أنّى لهم الاجتماع وهم لا يجتمعون إلا على خيانة أو خذلان المظلومين « قممهم » حفر مظلمة لا تفوح منها إلّا روائح التآمر وتمرير مشاريع أمريكا (حلّ الدّولتين مثلا) .

إنهم عاجزون عن الاجتماع على الحق في ما هو أدنى فكيف بما هو مصيري. إن وجودهم من حيث الأصل جزء من المؤامرة في ضرب المسلمين. ولا يتصور أن يأتي الحل عن طريقهم بل إن الحل يمر عبر إزالتهم وقلعهم. إذ إن الأمة إذا أرادت أن تملك أمرها وقرارها وتواجه أعداءها فلا بد أن تتخلص من حكامها أولاً.

لا أحد يراهن على هؤلاء الحكام، ولا عاقل يرجو موقفا من الحكام يوقف أميركا عن جرائمها، لأنّهم شركاء في العدوان. تحالفوا مع العدوّ.

فلم يبق إلّا أن يقف المسلمون وقفة رجل واحد وأن يستردّوا قرارهم، ويضعوا حدّا للخيانات التي لا تكاد تنتهي، ويدافعوا عن أنفسهم ضدّ كلّ عدوان.

إن على المسلمين أن يقفوا الموقف الشرعي الذي أمرهم الله سبحانه به. أن يقطعوا دابر كلّ خائن وأن يُولّوا أمرهم رجلا ينظّم حياتهم التي سادتها الفوضى بأحكام الإسلام ويقود جيوشهم ليجاهدوا في سبيل الله ويدفعوا عدوان أعدائهم.

لا مناص اليوم من التحرّك بجدّيّة لمنع جرائم أمريكا وأوروبا وكيان يهود. وإنّ المسلمون لقادرون على ذلك. فأميركا تتخوف من أي تحرك يصدر منهم.

صحيح أن أميركا ودول الغرب أوكلت أمر المسلمين إلى حكامهم ولكن دول الغرب تخاف على نفسها وعلى الحكام إذا ما تحركت الأمة. أمّا السكوت أو الانتظار فيجرّئ أمريكا ويهود الجبناء فيسقطون من حسابهم أيّ وجود للمسلمين ويجعلهم يستمرّون في عدوانهم لاطمئنانهم أن لا أحد سيمنعهم.

ليس لنا اليوم من خيار إلّا مواجهة العدوّ، فلا عذر اليوم، ولا سكوت أو انتظار إنّما هو أمر الله يجب أن نلتزمه.

CATEGORIES
Share This

COMMENTS

Wordpress (0)
Disqus ( )